ليست البقرة في هذه القصة إلا رمزًا لكل ما يُفرض على الوعي كحقيقة لا تُناقش. قد تكون فكرة، أو زعيمًا، أو تقليدًا مجتمعيًا، أو حتى رواية تاريخية مشكوكًا فيها. ما يهم هو السياق: التقديس لا ينبع من الاقتناع، بل من الخوف… أو من الرغبة في الانتماء إلى الجماعة.
الركوع الجماعي: لا أحد يؤمن، لكن الكل يطيع
كان الرجل يرى التناقض، لكنه لم يجرؤ على البوح. ولم يكن وحده. معظم من حوله كانوا مثله، يركعون لا لأنهم يؤمنون، بل لأنهم خائفون من أن يُكفّرهم القطيع. وهكذا تُصبح العبادة طقسًا بلا روح، وتُصبح البقرة صنمًا يصنعه الجبن الجماعي.
سلطة البقرة: من يحرس المعبد؟
لم يكن التقديس تلقائيًا. خلف البقرة، هناك من يستفيد من بقائها مقدسة. إعلامٌ يُجمّل، ورجال دينٍ يُحرّمون السؤال، وساسةٌ يُرسّخون الرمزية كي تبقى الجماهير مشغولة بالركوع لا بالعدالة. كلما سأل أحدهم: "من قال إن البقرة مقدسة؟" أُسكت أو نُفي أو رُجم بتهمة الكفر. فالأسطورة لا تبقى حية إلا بإرهاب السؤال.
العبادة كأداة حكم
لا تُقدّس الشعوب الأصنام عبثًا. تُدرّب على ذلك. تُكافأ على الصمت، وتُعاقب على التفكير. وهكذا تُصبح البقرة وسيلة سيطرة ناعمة، وشعارًا يُجمّد العقول، ويمنع التغيير الحقيقي. الرجل الذي كان يومًا يملك العقل، أصبح الآن مجرد تابع يكرّر ترانيم الركوع.
التمرد: حين نهق الحصان
في أحد الأيام، مرّ حصان هزيل من بعيد، لم يركع، لم يُنشد، بل نظر بازدراء إلى المشهد ومضى. ضحك البعض عليه، سخروا، لكن الطفل الصغير الذي رأى المشهد سأل أباه: "لماذا لم يركع الحصان؟" فلم يجب الأب. فقط نظر نحو البقرة، ثم إلى ركبتيه المرتجفتين.
هل آن أوان السؤال؟
ربما لم يكن الرجل يومًا مؤمنًا بالبقرة. لكنه كان يعيش في عالم يُحاسبك لا على قناعتك، بل على ركوعك. السؤال هنا ليس عن قدسية البقرة، بل عن قوة النظام الذي يجعلنا نعبد ما لا نؤمن به، ونسكت عمّن يفرضه علينا.
فمن الذي يجب أن يُحاكم؟ البقرة؟ أم من صنعوا حولها هذا المعبد الكبير؟
كلمات مفتاحية: عبادة البقر، الرمزية السياسية، نقد الطقوس، سلطة الوهم، الطاعة الجماعية، القطيع، تقديس الزعيم، الدين المُسيس، الخضوع الثقافي، صناعة المقدس، مقالات رمزية نقدية.
