الوعي السياسي

جنوب أفريقيا وفلسطين: إرث مقاومة الفصل العنصري وانعكاساته على الموقف الدولي

جنوب أفريقيا، التي كانت لعقود نموذجًا قاتمًا للفصل العنصري والاستعمار، نجحت في تحويل تجربتها المؤلمة إلى رسالة دعم قوية لقضايا العدالة والحرية في العالم، وبالأخص القضية الفلسطينية. لم يأتِ موقفها الحالي من فلسطين كمجرد تعاطف دبلوماسي عابر، بل نتاج تراكم تاريخي وعملي نابع من النضال الطويل ضد التمييز العنصري والاحتلال. بجدية غير مسبوقة، اتخذت جنوب أفريقيا خطوات فعلية داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مؤدية بذلك دورًا قياديًا كأول دولة ت…

جنوب أفريقيا: نشأة نظام الفصل العنصري، تطوره، ونهايته في ظل التحولات السياسية

جنوب أفريقيا هي أحد أبرز الأمثلة التاريخية على نظام سياسي قائم على التمييز العنصري المنظم، المعروف بـ"الفصل العنصري" (Apartheid). هذا النظام الذي تأسس رسميًا في منتصف القرن العشرين، لم يكن نتاج لحظة عابرة، بل تراكم لتاريخ طويل من الاستعمار، الهيمنة الأوروبية، ورفض الاعتراف بحقوق السكان الأصليين. على مدار عقود، شكّل الفصل العنصري جرحًا عميقًا في النسيج الاجتماعي والسياسي لجنوب أفريقيا، وترك أثارًا تمتد حتى اليوم. في هذا المقال، نستعرض ج…

تركيا بين الخطاب والتوازن: دور مركب في حرب غزة

في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة، تتبنى تركيا موقفًا مركبًا يجمع بين الخطاب السياسي الحاد والتنسيق الدبلوماسي الهادئ، مما يثير تساؤلات حول طبيعة هذا الدور. من جهة، تصدر أنقرة تصريحات قوية تُدين إسرائيل وتصفها بـ"دولة إرهاب"، وتُظهر تضامنًا مع الفلسطينيين. ومن جهة أخرى، تستمر في علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، وتُنسق دبلوماسيًا مع الغرب. هذا التناقض بين العلن والسر يعكس براغماتية تركية تسعى للحفاظ على توازن دقيق بين دعم القضية …

أوهام الحكم الذاتي: ماذا بقي من "حل الدولتين"؟

في المشهد السياسي المكرَّر، تَبرز مصطلحات براقة مثل "الحكم الذاتي"، "السلام العادل"، و"حل الدولتين"، كأنها مفاتيح خلاص لقضية فلسطين. لكن خلف هذه المفردات المألوفة تختبئ حقائق أكثر مرارة، ترسمها خرائط مجتزأة، واتفاقات ملغومة، وإدارات فلسطينية مقيدة بوظيفة أمنية، لا سيادة لها. الحكم الذاتي: من صيغة مؤقتة إلى قيد دائم عندما طُرحت فكرة الحكم الذاتي في "اتفاق أوسلو"، رُوِّج لها كمرحلة انتقالية نحو إقامة دولة …

نزع سلاح حماس: وهم سياسي أم معركة مستحيلة؟

بالنظر إلى الواقع السياسي والعسكري والاجتماعي في غزة، فإن فكرة "نزع سلاح حماس" ليست مجرد قرار يمكن فرضه بالوسائل التقنية أو الأمنية، بل هي قضية معقدة ومتشابكة تتداخل فيها أطراف متعددة، وظروف متغيرة، وسياقات إقليمية ودولية. فيما يلي تحليل نقدي لمسألة نزع سلاح حماس في الوضع الراهن: أولًا: ما المقصود بنزع السلاح؟ مصطلح "نزع السلاح" في السياق الغزّي لا يعني فقط جمع الأسلحة أو تفكيك البنية العسكرية، بل يشمل: تفكيك شبكات الت…

المقاومة بين السلاح والسياسة: من يُمثّل فلسطين في زمن التهدئة؟

مع كل حرب على غزة، يعود السؤال الأهم إلى الواجهة: من يُمثّل الفلسطينيين اليوم؟ هل الفصائل التي تقاتل على الأرض؟ أم السلطة التي تُفاوض في الغرف المغلقة؟ وفي زمن التهدئة، حين تُغلق الجبهات وتُفتح القنوات، يصبح التمثيل الفلسطيني محكًّا حقيقيًا يكشف حجم الانقسام، وعمق الأزمة السياسية، وملامح "التسوية" التي يُراد فرضها تحت لافتة إعادة الإعمار أو منع التصعيد. سلاح في الميدان... بلا شرعية سياسية دولية لا شك أن الفصائل الفلسطينية، وعلى رأس…

صناعة "الشريك العربي": كيف تخلق إسرائيل وكلاء محليين لتصفية الصراع؟

في كل جولة تصعيد كبرى، ومع كل هدوء تالٍ، تتجدد المحاولة القديمة الجديدة: البحث عن "شريك عربي للسلام"، أو بالأحرى، "شريك للتصفية". هذا الشريك لا يُراد له أن يكون طرفًا حرًا في معادلة إنهاء الصراع، بل أداة في هندسة الحل، وفق الرؤية الإسرائيلية المدعومة غربيًا، والتي تعتبر أن الصراع انتهى عسكريًا، وما تبقى هو فقط "معالجة القضايا الإنسانية"، وتأمين آليات للضبط الأمني. وظيفة "الشريك العربي": من الوساطة إلى الو…

إعادة هندسة الخريطة: هل نحن أمام "سايكس بيكو" جديدة؟

في خضمّ التغيرات الجيوسياسية التي تعصف بالمنطقة منذ أكثر من عقد، يتكرّر سؤال جوهري: هل ما يجري من تفكيك، وإعادة تموضع، وتبدّل في التحالفات، هو مجرد تراكم أزمات؟ أم أن هناك خطة صامتة تُرسم بخيوط خفية لإعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة، على غرار اتفاقية "سايكس بيكو" قبل مئة عام؟ الإجابة تبدأ من فهم ما تغيّر، وما بقي، وما يُراد تغييره قسرًا باسم "الاستقرار" أو "مكافحة الإرهاب" أو "السلام الإبراهيمي". من …

السلاح مقابل التطبيع: ما لم يُقال عن "صفقات التهدئة" في غزة

حين تُطرَح مشاريع "التهدئة" في غزة، غالبًا ما تُقدَّم باعتبارها خطوات إنسانية لتخفيف المعاناة، أو بوادر لحلول سلمية. لكن خلف العناوين الدبلوماسية، يجري تفاوض غير معلن بلغة مختلفة تمامًا: لغة المصالح، والإذعان، وإعادة هندسة المنطقة سياسيًا وأمنيًا. فما الذي تخفيه هذه الصفقات؟ وما علاقتها بالمشاريع الأوسع، وعلى رأسها التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي؟ التهدئة ليست سلامًا.. بل إدارة نار تحت الرماد تُطرح التهدئة ظاهريًا كوقف لإطلاق النار أو…

القلّة الحاكمة: كيف تُمسك إسرائيل بزمام المنطقة رغم تفوق العرب العددي؟

في خارطةٍ يتكدّس فيها أكثر من مئتي مليون عربي على أطراف كيان لا يتجاوز عدد سكّانه اليهود سبعة ملايين، يبدو المشهد ديموغرافيًا غير متكافئ على الإطلاق. ومع ذلك، تستمر إسرائيل في فرض شروطها، واختراق جوارها، بل وتطبيع وجودها رغم هذا الطوق البشري الهائل. فهل تكفي الأرقام وحدها لتفسير موازين الهيمنة؟ أم أن خلف المعادلة البسيطة هناك منظومة معقدة من تفتيت القرار، وتهجين الأنظمة، وهندسة الوعي الجماعي؟ هذا المقال يحاول تفكيك هذه المفارقة: كيف حوّلت إسرائي…

حين يُقتل الأطفال وتُنقذ الأنظمة: مفارقات المعونات في ظل القصف

في مشهد يُفترض أن يكون إنسانيًا خالصًا، تتحوّل قوافل المساعدات في زمن الحرب إلى أداة سياسية مشوبة بالغموض. ففي الوقت الذي تتساقط فيه القنابل على رؤوس المدنيين، ويُقتل الأطفال بلا انقطاع، يُفتح فجأة "معبر" وتُعلن "هدنة مؤقتة" لإدخال شاحنات الغذاء أو الدواء، وكأن المأساة تحتاج إلى تعديل ظرفي بسيط لا إلى وقف شامل للعدوان. هنا، لا تبدو المساعدات محاولة لإنقاذ البشر، بقدر ما تبدو محاولة لإنقاذ الأنظمة التي لا تجرؤ على إعلان موقف.…

من يحكمنا؟ الدولة أم السفارة؟

في مشهد يبدو مألوفًا في أكثر من عاصمة عربية، تُدار ملفات السيادة والاستراتيجية الأمنية والاقتصادية، لا من داخل مؤسسات الحكم الرسمية، بل عبر بوابات السفارات الأجنبية التي تتحول عمليًا إلى مراكز سلطة موازية. فما إن تندلع أزمة داخلية أو إقليمية، حتى تُرصد الوفود تتجه إلى مقار السفراء، لا إلى القصر الجمهوري أو البرلمان، وكأن القرار الوطني بات امتدادًا لإرادة خارجية تُصاغ خلف الأبواب المغلقة. ليست هذه ظاهرة جديدة، لكنها لم تعد تُمارس في الخفاء كما ف…

الشرخ القادم: هل تشهد المنطقة انتفاضة شعوب لا أنظمة؟

في الوقت الذي تتراكم فيه جراح غزة تحت أنقاض الصمت الرسمي العربي، يتسع الشرخ بين الشعوب العربية وحكوماتها، حتى بات كالسد المتشقق، يُخشى انفجاره في أي لحظة. فمنذ اندلاع الحرب، بدا وكأن أغلب الأنظمة اختارت سياسة الحياد الصامت، أو الاكتفاء ببيانات الشجب المعقمة، في مقابل شعوب تغلي مشاعرها غضبًا، وتمتلئ ساحاتها بالمظاهرات والاعتصامات، وتتدفق على منصاتها دعوات المقاطعة والمقاومة والكرامة. هذا التباين ليس جديدًا، لكنه في هذه الحرب بلغ ذروته، ما يطرح س…

"نستنكر ونشجب بأشد العبارات".. حين يصبح الشجب هو أقصى ما يُمكن تقديمه

في كل كارثة إنسانية أو مجزرة تُرتكب، خاصة حين يكون الضحية طرفًا عربيًا أو مسلمًا، تتكرر العبارة نفسها من عواصم عربية كثيرة: "نشجب بأشد العبارات" . عبارة تخرج بتأنٍّ محسوب، تُلقى على منابر الأمم المتحدة أو في بيان خجول صادر عن وزارة خارجية. ومع تكرار المجازر، يتكرّر الشجب. أما الدماء، فتبقى تُسال، بلا رادع، وكأن العالم لا يسمع إلا بيانات الإدانة، ولا يرى إلا الحبر المراق في بيانات الحكومات. تفكيك العبارة: دلالات التكرار وغياب الفعل 1.…

إسبانيا وموقفها من العدوان على غزة: لماذا تختلف عن بقية أوروبا؟

في خضم الصمت الأوروبي المريب، أو التواطؤ الصريح مع آلة القتل الإسرائيلية، بدت إسبانيا كاستثناء ملفت في مواقفها الرسمية. شجبٌ أكثر وضوحًا، ومطالباتٌ بوقف النار، بل ونقاشات جدية حول الاعتراف بدولة فلسطين. فهل تحوّلت مدريد إلى صوت الضمير الأوروبي؟ أم أن اختلافها يُفسَّر بمعادلات أعمق من مجرد التعاطف؟ 1. غياب الإرث الاستعماري المباشر في المشرق إسبانيا، بخلاف بريطانيا وفرنسا، لم تكن طرفًا رئيسيًا في تقسيم العالم العربي أو في ولادة الكيان الصهيوني. …

المدنيون في مرمى النيران: عندما تتحول الشعوب إلى أهداف استراتيجية في الحروب

في الحروب التقليدية، كانت الجيوش تشتبك فيما بينها وتترك المدنيين خارج الحسابات المباشرة قدر الإمكان. أما في الحروب الحديثة، فقد تغيّر المشهد جذريًا. بات المدنيون، لا سيما في العالم العربي، في صلب مسرح العمليات، ليس باعتبارهم ضحايا عرضيين، بل كأهداف متعمدة تُستهدف لكسر الإرادة، وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية. فما الذي يدفع أطراف الحرب لاستهداف الشعوب؟ ومن يتحمّل مسؤولية هذا التحول الخطير؟ وهل نحن أمام نمط جديد من الحروب يشرعن الإبادة والتجويع كأدوا…

العدو في الداخل؟ كيف أصبحت الشعوب العربية مصدر القلق الأول للحكومات أكثر من الاحتلال

في زمن الاحتلالات والحروب والاعتداءات الصارخة، يُفترض أن يكون الخطر الخارجي هو الأولوية الكبرى لأي دولة. لكن المفارقة في العالم العربي أن الأنظمة تبدو أكثر خشية من شعوبها من أي تهديد خارجي. فبدل أن توجّه الأنظمة بنادقها نحو العدو، نجدها توجّه أعينها نحو الميادين، وآذانها نحو همسات الغضب الشعبي، وتبني كل استراتيجياتها الأمنية على قاعدة واحدة: "لا صوت يعلو فوق صوت النظام". بين الخطر الخارجي والخوف من الداخل منذ عقود، تبنّت معظم الأنظمة…

الانفصال المتسارع: تباين مواقف الأنظمة العربية وشعوبها في حرب غزة

في خضم العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، تتسارع ديناميات الشرخ بين الشعوب العربية وأنظمتها، لا بفعل المواقف المعلنة فحسب، بل بما يُكشَف من انكشافٍ أخلاقيّ وسياسيّ متصاعد. إذ لم تعُد الفجوة بين الإرادتين الشعبية والرسمية مجرّد تباين مواقف، بل صارت صراع سرديات ، يُخاض على كل جبهة: في الإعلام، وفي الشارع، وفي المحافل الدولية. حكومات صامتة أمام الدماء… ناطقة عند إدانة المقاومة منذ اندلاع حرب غزة الأخيرة، اختارت معظم الأنظمة العربية التموضع في ا…

الاعتراف الأوروبي بفلسطين: نفاق جديد أم إعادة تدوير للاستعمار؟

في الوقت الذي تتواصل فيه المجازر بحق الفلسطينيين، خرجت بعض الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا لتعلن "رغبتها" في الاعتراف بدولة فلسطين. وللوهلة الأولى قد يبدو هذا التحوّل خطوة إيجابية في مسار العدالة الدولية، لكن خلف هذا الإعلان ما يستحق التوقّف والتفكيك، خصوصًا أن هاتين الدولتين كانتا من أبرز صانعي النكبة الفلسطينية في الأصل. أهداف خفية خلف الاعتراف المفاجئ امتصاص الغضب الشعبي بعد مشاهد الإبادة في غزة، اجتاحت العواصم الأوروبية مظاهرات…

مذكرة نزع سلاح حماس: حين تتحول الأنظمة إلى أداة لتفكيك المقاومة

في حدث سياسي غير مسبوق، أعلنت كافة دول جامعة الدول العربية تأييدها لمذكرة دولية تطالب حركة حماس بتسليم سلاحها، وإنهاء حكمها في غزة، ونقل السلطة إلى السلطة الفلسطينية تحت إشراف دولي. المذكرة التي صيغت في مؤتمر "إعلان نيويورك" في يوليو 2025، جاءت بمشاركة عربية واسعة وبغطاء غربي صريح، وأُرفقت بدعوات لوقف الحرب، إطلاق سراح الرهائن، والمضي في مشروع "السلام الدائم". لكنّ القراءة الأعمق لهذا الحدث لا تكمن في نصوصه المعلنة، بل في بن…

تحميل المزيد
لم يتم العثور على أي نتائج
✉️ 📊 📄 📁 💡