المجموعة الثانية: الاستعمار، الحروب، والهيمنة المباشرة
المقال (3): حروب التحرير الغربية – المجازر البيضاء وسردية الإنقاذ
المقدمة
في كل مرة تشن فيها الجيوش الغربية حربًا خارجية، يظهر المبرر جاهزًا: التحرير. تُصوَّر الحرب كضرورة إنسانية، والغازي كمخلّص نبيل، والموتى كأضرار جانبية مؤسفة في طريق الخلاص. هكذا تحوّلت مجازر التاريخ الحديث إلى فصول مشرقة في كتاب "التحرر".
المسلمة المزعومة
أن الحروب الغربية كانت حروبًا تحريرية أنقذت شعوبًا من الطغيان وأدخلتها إلى العصر الحديث.
سواء في العراق أو أفغانستان، في إفريقيا أو أميركا اللاتينية، أو في التدخلات العسكرية تحت راية الناتو، دائمًا ما تُقدَّم الحرب كعلاج مؤلم، لكنه ضروري.
الهدف منها
- إعادة تعريف الاحتلال كعمل إنساني.
- تبييض صفحة الإمبراطوريات القديمة والحديثة.
- إسكات أي مقاومة مستقبلية عبر وصمها بمعاداة الحرية.
- التحكم بسردية التاريخ السياسي بعد سقوط الأنظمة.
الأساليب المستخدمة
- تضخيم رواية الضحية: التركيز على جرائم النظام المُستهدَف وتضخيمها لتبرير التدخل.
- احتكار التغطية الإعلامية: غياب شبه كامل للأصوات الرافضة للحرب من داخل الدول المُهاجَمة.
- إنتاج رموز دعائية: تمثيل "التحرر" من خلال وجوه نسائية أو ضحايا مفترضين.
- تكرار نفس السيناريو في الإعلام حتى تتكون ذاكرة نمطية: "التحرير = دخول الغرب".
النتائج الواقعية
- انهيار الدول المُستهدفة وتحولها إلى ساحات فوضى وصراع داخلي.
- تدمير البنى التحتية والثقافية والسياسية تحت لافتة الإعمار والتحول الديمقراطي.
- نهب الموارد تحت غطاء الاتفاقيات وإعادة الإعمار.
- استنساخ الأنظمة التابعة التي تُدين بالولاء للغازي لا للشعوب.
حروب "التحرير" لم تحرر أحدًا، بل قسّمت الأوطان، وأعادت رسم الخرائط لصالح من بدأ الحرب، ثم انسحب تاركًا الركام.
الخاتمة
يجب أن نتوقف عن استهلاك اللغة المصنوعة مسبقًا. فليس كل من رفع راية "الحرية" جاء بها، ولا كل من أسقط طاغية، أراد الخير لشعبه. وراء كل "تحرير" معلن، توجد أجندات غير معلنة، ودائمًا من يدفع الثمن هم الأبرياء.
كلمات مفتاحية:
حروب التحرير، الاحتلال باسم الديمقراطية، الإعلام الحربي، المجازر البيضاء، التبرير الإنساني للحرب، التدخل الغربي، الناتو، إعادة الإعمار، تسويق الحرب، إعادة رسم الخرائط
وصف الصورة المقترحة:
دبابة غربية مغطاة بعلم أبيض عليه كلمة "Freedom"، تمر في شارع مدمر، والجنود يوزعون زجاجات ماء على أطفال مذعورين، بينما لافتة في الخلف تقول: "مرحبًا بكم في التحرير".
