مقدمة السلسلة:

لم تكن حروب هذا العصر وليدة غضب شعبي، ولا انفجارات تلقائية كما تحاول سرديات الإعلام أن تقنعنا. فمن ليبيا إلى اليمن، ومن غزة إلى سوريا، ومن لبنان إلى العراق، نجد أنفسنا نُقاتل ونُذبح ونُهجر في معاركٍ تبدو لنا “وطنية”، لكنها في حقيقتها سيناريوهات مبرمجة، تُدار عن بُعد، وتُشعلها أصابع لا نراها.
هذه السلسلة ليست تأريخًا للدم، بل محاولة لفهم:
- من كتب النص؟
- ومن يوزّع الأدوار؟
- ومن المستفيد من استمرار العرض؟
الحرب ليست حربك... بل دورك في مسرحهم
ما يربط معظم الحروب العربية في العقود الأخيرة، هو أنها لا تبدأ حين نريد، ولا تنتهي حين نقرر.
كل طرف يرفع راية، وكل فصيل يصدّق أنه صانع المعركة، لكن الواقع أن:
- القرارات الحاسمة تُتخذ في واشنطن أو تل أبيب أو موسكو أو طهران.
- والمال والسلاح يأتينا مشروطًا.
- والميدان يُختبر، ثم يُستهلك، ثم يُهدم، إذا انتهت وظيفته.
لسنا في مواجهة أعداء ظاهرين فقط، بل أمام بنية كاملة من التحكم الخارجي، تُدير الصراع وتُشكّل وعيه.
من الثورة إلى الفوضى: كيف تُحرّف المسارات؟
كل حراك شعبي أصيل يمكن تحويره بسهولة، ما إن تتدخل الأدوات الأجنبية:
- يُفتح تمويل "المجتمع المدني".
- تُسلَّح أطراف مختارة وتُهمَّش أخرى.
- يُرسم مسار سياسي لا علاقة له بالواقع الشعبي.
- ثم تبدأ الحرب بين من يدّعي الشرعية، ومن يُتهم بالإرهاب.
وهكذا تُمسَخ المطالب، وتتحوّل القضية من تحرر إلى اقتتال.
لكن من كتب هذا السيناريو؟ ومن وزع الأدوار؟ ولماذا تتكرر الحبكة ذاتها في كل بلد عربي تقريبًا؟
لماذا تُصرّ القوى الكبرى على استمرار الحروب؟
ليس لأن المنطقة "منكوبة" بطبيعتها، بل لأن الحرب تخدم أهدافًا عميقة، مثل:
- استنزاف القوى الصاعدة (كالمقاومة في فلسطين ولبنان).
- منع تشكل تحالف عربي حقيقي يمكن أن يشكل خطرًا على إسرائيل أو مصالح الغرب.
- إبقاء الجيوش العربية منشغلة بالداخل بدل التفكير بالتحرير أو السيادة.
- تحويل كل دولة إلى كيان هش يطلب "المساعدة" من الخارج، ويوقّع على شروط مذلة.
إعلام الحرب: من يكتب السردية؟
كل حرب تبدأ بقصف إعلامي:
- من هو الإرهابي؟
- من هو الثائر؟
- من هو المعتدل؟
- من هو المتطرف؟
لا تُحدد هذه الصفات من داخل الوطن، بل من مراكز القرار الدولي.
والمنصات الإعلامية الكبرى – من BBC إلى CNN – لا تنقل الحقيقة، بل تُبرمج الإدراك الجماهيري ليتقبل السيناريو، ويهتف لأحد أطرافه، دون أن يعلم من أخرجه.
هذه السلسلة... لكسر الحلقة المفرغة
في "حروبنا... وسيناريوهاتهم"، لن نكتفي بوصف الألم، بل سنفكك كيف يُصنع.
سنتناول كل ساحة حرب رئيسية في المنطقة، وسنحاول دائمًا الإجابة على السؤال المركزي:
هل كانت هذه حروبنا فعلًا؟ أم أننا نعيش في مسرحٍ، نؤدي فيه أدوارًا كُتبت لنا دون علمنا؟
