
في عصر تتسارع فيه الحياة بلا هوادة، يصبح الإنسان أسير آلة لا تتوقف عن الدوران. يومه محكوم بإيقاع مُفرض، وأهدافه محددة سلفًا من قبل منظومات اقتصادية واجتماعية وسياسية لا تمنحه أي خيار حقيقي، بل تحول وجوده إلى روتين ميكانيكي. إنه ركض دائم نحو إنجازات فارغة، لا تستند إلى اختياراته ولا تمنحه شعورًا بالتحقق الذاتي، بل تستنزف طاقته وإبداعه قبل أن تولد الأفكار.
في هذه السلسلة، نحلّل كيف صُممت حياة الإنسان المعاصر لتكون مستمرة بلا توقف، ونفكك الآليات التي تُبعده عن التفكير العميق والتأمل، وتحدّ من قدرته على الإبداع الحر. نستعرض أبعاد الاستلاب النفسي والاجتماعي، ونكشف كيف يتحول الركض المستمر في المهنة، والتسويق، والانشغال الرقمي إلى قيود خفية، تُسلب الإنسان زمناً كان يمكن أن يُستثمر في وعيه ومعناه.
الهدف هو الدعوة لإيقاف هذا الركض اللامتناهي، وإعادة صياغة الحياة بما يسمح بالوعي، والتأمل، والإبداع المستقل. فالإبداع ليس ترفًا، بل جزء أصيل من وجود الإنسان، وإعادة استعادته هي خطوة أساسية لاستعادة الحرية الحقيقية، والقدرة على أن نعيش حياتنا على نحو يليق بإنسانيتنا.
