
السرد الرسمي: التهوين والتجريد
في المنظور الرسمي الدولي، تُقدم نكبة فلسطين عادة كسقوط دولة أو فشل في الحروب، مع إظهار النزوح كأزمة إنسانية منفصلة عن الأسباب السياسية أو الاستراتيجية التي أدت إليها. تُطرح الرواية في سياق "صراع على الأرض" بين طرفين متكافئين، متجاهلة القسوة المنهجية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، ومخططات التهجير القسري التي نفذها المشروع الاستيطاني الصهيوني.
كما تحاول هذه الروايات الرسمية تغييبه عن حق العودة للاجئين، وتبني سياسات اللا حل الدائم التي تُسقط حق العودة، مما يحول مأساة اللاجئين إلى مشكلة إنسانية عابرة بدلًا من كونها قضية سياسية عادلة وقانونية.
معاناة اللاجئين: الهجرة القسرية والتهجير المنهجي
النكبة لم تكن مجرد نزوح، بل حملة منظمة ومخططة لإفراغ الأرض من سكانها الأصليين، ترافقها عمليات قتل وتدمير للقرى والمدن، بالإضافة إلى استخدام العنف النفسي والاجتماعي لتفكيك البنية المجتمعية الفلسطينية. ملايين من الفلسطينيين ما زالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين، يرزحون تحت ظروف قاسية ومحرومون من أبسط حقوقهم.
دور المجتمع الدولي والإعلام في التعتيم
غالبًا ما يتحجج المجتمع الدولي بالإطار القانوني والسياسي الموجود، لكنه في الواقع ساهم في ترسيخ الاحتلال ومأسسة التهجير، من خلال تغاضيه أو مشاركته المباشرة عبر قرارات منحازة أو صمت متواطئ. وسائل الإعلام الغربية بدورها تسهم في تغليف القصة بسرديات تميل إلى تبرير الاحتلال وإظهار الفلسطينيين كطرف مسؤول عن المأساة.
قراءة بديلة: استعادة الذاكرة ومطالب الحق
إعادة قراءة النكبة تقتضي النظر إليها كجرح مفتوح ومشروع تطهير عرقي لا يزال مستمرًا، وليس كحدث عابر في التاريخ. الاعتراف بحقوق اللاجئين في العودة والتعويض، وفهم جذور الصراع السياسي العميقة، يمثلان نقطة الانطلاق لأي حل عادل ودائم.
خاتمة
نكبة فلسطين ليست فقط مأساة الفلسطينيين، بل اختبار صارخ لنزاهة القوانين الدولية وللضمير الإنساني العالمي. تفكيك السرد الرسمي والاهتمام بالذاكرة الحقيقية للاجئين الفلسطينيين، هو السبيل الوحيد لفهم جوهر الأزمة ومقاومة التهميش السياسي الذي يعيد إنتاج المأساة في أجيال متعاقبة.