سياسات الدول

التطبيع السياسي: قراءة نقدية في مسار دول عربية مع إسرائيل

شهد العالم العربي خلال العقد الأخير تحولًا جذريًا في علاقاته مع إسرائيل، حيث انتقلت بعض الدول من حالة الصراع والرفض إلى علاقات دبلوماسية رسمية مع تل أبيب، ما يُعرف بـ«التطبيع». يثير هذا التحول تساؤلات جوهرية حول دوافعه الحقيقية، خلفياته السياسية، وتأثيره على القضايا العربية الكبرى، خصوصًا القضية الفلسطينية. هذا المقال يسعى إلى تفكيك هذه الظاهرة من خلال تحليل أبعادها السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، وكشف التناقضات التي ترافقها. السياق التاريخي …

سيكولوجيا الخضوع: لماذا يدافع البعض عن من يقمعهم؟

لا تزال ظاهرة الولاء للجلاد أو ما يُعرف بسيكولوجيا الخضوع تشكل لغزًا نفسيًا وسياسيًا محيرًا. في أماكن عديدة من العالم، نجد فئات شعبية تدافع بشراسة عن أنظمة قمعية، أو زعماء يستنزفونهم اقتصاديًا ونفسيًا، بل ويتسببون في مآسيهم، في وقت يُفترض أن يكونوا هم الضحايا الذين يتوقون للحرية والكرامة. لماذا يحدث هذا؟ هل هو جهل أم خوف؟ هل هو ضعف أو إدمان نفسي على السلطة؟ أم أنه نظام معقد من الدفاعات النفسية والتفاعلات الاجتماعية والسياسية؟ هذا المقال يستكشف ه…

الهند وباكستان نوويتان بلا معاهدة، وإيران مُحاصرة رغم توقيعها

في المشهد النووي العالمي، لا تُقاس الشرعية بالقانون، بل بالتبعية. فالدول التي تندمج في النظام الدولي الغربي، يُغفر لها حتى انتهاك معاهدة منع الانتشار. أما التي تحاول الحفاظ على استقلالها، فيُمنع عنها حتى الحق في التخصيب. هنا لا نتحدث عن "أخطار تقنية"، بل عن بُنية سياسية للتمييز في توزيع أدوات الردع والسيادة . لماذا امتلكت الهند القنبلة دون أن تُعاقب؟ كيف صنعت باكستان سلاحًا نوويًا بتمويل ودعم في الخفاء؟ ولماذا تُحاصر إيران منذ عقود …

اللاجئ المحاصر: بين منع العمل وغياب المساعدة

تُروَّج فكرة اللجوء في الخطاب الدولي بوصفها انتصارًا للكرامة والإنسانية، وكأن مجرد قبول لاجئ هو فعل نبيل مكتمل. لكن حين نتجاوز الصورة الدعائية، نجد واقعًا مُغايرًا: لاجئون يعيشون في العتمة، بلا حقوق حقيقية، يُمنعون من العمل، ولا يتلقّون ما يكفي للبقاء، وكأن المطلوب منهم هو أن يظلوا أحياء دون أن يكون لهم حق في الحياة. المنع من العمل: سياسة مُتعمدة لا خلل عارض في العديد من البيئات التي تستقبل لاجئين، لا يُمنح هؤلاء الحق في العمل، ليس لأن ذلك مست…

الغناء في الشارع: لماذا لا يُعتبر تسوّلًا في الغرب؟

قراءة ثقافية في مفاهيم الكرامة والعطاء:  في شوارع أوروبا وأمريكا، يعزف شاب على آلة موسيقية أو يغني بصوته المتواضع، واضعًا أمامه علبة صغيرة مكتوب عليها "شكرًا"، دون أن يطلب المال صراحة. تمرّ الناس، يتوقف البعض، يبتسم، يضع نقودًا، ويكمل طريقه. هذا المشهد مألوف، ويحظى في كثير من المدن الغربية بالقبول، بل يُنظر إليه باحترام. لكن في مجتمعات أخرى، قد يُعتبر هذا الفعل تسوّلًا. فما الذي يجعل الغناء في الشارع مقبولًا، بل مشروعًا ثقافيًا، بينما…

فنزويلا: كيف تُفقّر دولة نفطية؟ وهل أمريكا بريئة؟

قراءة في خلفيات الانهيار الفنزويلي: في مشهد عبثي بات مألوفًا، يصطف المواطنون الفنزويليون في طوابير طويلة لشراء سلع أساسية، فيما بلدهم يحتضن أكبر احتياطي نفطي مكتشف في العالم. تتهاوى العملة المحلية إلى ما دون الورق، وتغيب أبسط مقومات الدولة، ويغادر الملايين الحدود بحثًا عن فتات الكرامة. كيف تحوّلت فنزويلا من رمز لثروات أميركا اللاتينية إلى عنوان للفقر والتضخم والانهيار؟ وهل كانت أمريكا مجرد مراقب؟ أم شريكًا فاعلًا في صناعة الكارثة؟ النفط... من …

التطبيع تحت الركام: هل ما زال ممكنًا بعد غزة؟

لم تكن حرب غزة مجرد مجزرة في ظاهرها العسكري، بل زلزالًا استراتيجيًا هزّ البنية الخطابية لمسار التطبيع العربي ـ الإسرائيلي. أنظمة طبّعت علنًا، وأخرى كانت تنتظر التوقيت المناسب، وجدت نفسها فجأة أمام شعوب غاضبة، وشارع عربي متفجّر لم تعد تنفع معه لغة "السلام مقابل الازدهار". فهل يمكن أن يستمر مشروع التطبيع كما كان؟ أم أن حرب غزة قد فجّرت فيه ما لا يُرمَّم؟ هذا المقال يتناول الفجوة بين مواقف الأنظمة وصوت الشعوب، ويحلل مصير التطبيع بعد أن …

حرية التعبير... لمن؟ التفكيك الضروري للأسطورة الليبرالية

في الخطاب الغربي المعاصر، تُقدَّم "حرية التعبير" بوصفها تاجًا على رأس الحضارة الليبرالية، ودليلًا على تفوّقها الأخلاقي. لكن خلف هذا التمجيد، تختبئ طبقات من التناقضات والانتقائية، حيث لا تُمارَس الحرية كحق مطلق، بل كأداة ضبط اجتماعي وسياسي، تُمنَح حينًا وتُسحب حينًا آخر. فما الذي جرى للحرية؟ وكيف تحوّلت من فضاء مفتوح إلى قفص مزيّن بالأضواء؟ الحرية كقيمة... والحرية كسلاح في أصلها، حرية التعبير قيمة إنسانية، تعني تمكين الإنسان من التفكي…

المسافة بين السلاح والصوت: خنق وعي الشعوب عبر السيطرة على الأصوات

ليس فقط الرصاص والجيش من يُسكت الشعوب، بل يُخنق الوعي عبر آليات أعمق وأشد قسوة، تُصادر حق الكلام قبل أن يُقال، وتُقيد المساحات التي تُنتج بها الأفكار، حتى تُحكم السيطرة على ما يُسمع لا فقط على من يتكلم. 1. السلاح المادي مجرد واجهة: الحرب على الصوت أعمق وأخطر السيطرة العسكرية ترهيب بديهي، لكنها في زمننا هذا لم تعد كافية. الأكثر خطورة هو أن تُقتل الحقيقة بصمت لا يُسمع، وأن يُمحى الوعي عبر التعتيم، الإقصاء، والتشويش . عندما تُحاصر أصوات المعارض…

استعراب العقول: كيف تحولت الهيمنة العسكرية إلى استعمار ثقافي مهيمن؟

لم يعد الاستعمار العسكري المباشر الطريقة الوحيدة للاحتلال والسيطرة. فبعد فشل نماذج الهيمنة التقليدية، تحوّل الاستعمار إلى أكثر دهاءً وخفاءً : استعمار العقول، وهيمنة ناعمة لا تُرى ولكنها تُشعر بكل تفاصيل حياتنا. 1. من القواعد إلى الموجات: انتقال السيطرة من الأرض إلى الوعي عندما كانت القوى الاستعمارية تحتل بلدًا، كانت تظهر جيوشها، ترفع أعلامها، وتسقط حدودًا واضحة. اليوم، تبدو السيطرة غامضة. هيمنة ثقافية وإعلامية تَفرض مشاهدها على شاشاتنا، تُعيد…

أخوّة إسلامية مفخخة: حين تُختزل الأمة إلى عاطفة والمواطنة إلى قيد

في قاموس الخطاب الرسمي للدول الإسلامية، "الأخوة الإسلامية" شعار مكرور، محفوظ، يُرفع في المناسبات، ويُوشّى به البيان الختامي، ويُهمس به في المؤتمرات كلما اقتربت الكاميرات. لكنّ الواقع يكشف أن هذه الأخوة، في عمقها السياسي، مشروطة ومقيّدة، لا عابرة للحدود كما يوحي النص الديني . إنها أخوة متخيَّلة، لا تعمل إلا على مستوى الأفراد، وتُفكّك بالكامل عندما تصل إلى حدود السياسات بين الدول. دعاية أخوّة... تُدار بالتحكّم السياسي السلطة في الدول …

المقدس في زمن الاستهلاك: كيف يُحوَّل الدين إلى منتج؟

حين يفقد الإنسان المعنى، يتشبّث بالشكل. وفي عالم رأسمالي استهلاكي، لم ينجُ الدين من هذا المصير. فالمقدّس – الذي يفترض أن يكون بوابة لل transcendence، أي للارتقاء فوق المادي – أُعيد تشكيله ليخدم منطق السوق، ويُختزل في منتجات وطقوس ونماذج قابلة للتسويق والربح والتصدير. إننا نعيش لحظة تسليع المقدّس ، لا بوصفها انحرافًا فرديًا، بل بنية ثقافية ممنهجة ، يُعاد فيها إنتاج الدين وفق مقاسات المنصات، والإعلانات، والمواسم التجارية. من المعنى إلى البضاعة:…

المهاجر المسلم في مرآة الغرب: من الضحية إلى المتهم

يُروّج الغرب لنفسه بوصفه "جنة الإنسانية" ومأوى المظلومين، ومكان اللجوء المفتوح أمام كل من فرّ من الحروب والديكتاتوريات. غير أن هذه الصورة المثالية تنهار أمام واقعٍ مركّب: واقع المهاجر المسلم الذي يدخل إلى الفضاء الغربي هاربًا من الجحيم، ليُستقبل بـ"الترحيب المشروط"، وشيئًا فشيئًا يُحوّل من ضحية إلى خطر محتمل، ومن لاجئ إلى تهديد ثقافي وديمغرافي وأمني. الخطاب الإنساني: غطاءٌ ناعم لأهداف صلبة استقبال اللاجئين، خصوصًا من بلاد ا…

خارج العباءة الأمريكية: خيارات الخليج بين الحقيقة والوهم

في ظل الضربات الصاروخية المتبادلة، وتحول القواعد الأمريكية في الخليج إلى ساحات رسائل نارية، تبرز الحاجة لسؤال جوهري طال إسكاته: ماذا لو قررت الولايات المتحدة الانسحاب فجأة؟ أو أبقت وجودها ولكن من دون أن تحمي؟ أو قررت الدخول في حرب من أراضي الحلفاء دون العودة إليهم؟ الإجابة عن هذا السؤال لا تقود إلى القلق فقط، بل إلى حقيقة مُرّة: الاعتماد المطلق على القوة الأمريكية هو خطر مؤجل، لا ضمان مستقبلي. لكن... ما البدائل الحقيقية المتاحة أمام دول …

الوجود الأمريكي في الخليج: حماية أم استدراج للأزمات؟

منذ عقود، وُجِدَ الجيش الأمريكي في الخليج ليكون "الضامن الأمني" لدوله. قواعد، أساطيل، مظلات صاروخية... كلها بُنيت تحت شعار "ردع الأعداء" و"حماية الاستقرار". لكن مع تغيّر موازين القوة، وتحول المنطقة إلى ساحة لتبادل الرسائل الصاروخية، بات السؤال الحتمي أكثر إلحاحًا: هل الوجود الأمريكي في الخليج ما زال يحميه؟ أم أنه صار مصدر خطر دائم، ومغناطيسًا للصواريخ ؟ حين قصفت إيران قاعدة العديد في قطر، لم يكن الهجوم موجّهًا …

قصف إيران لقاعدة العديد: من الدفاع إلى تصدير المعركة

في فجر 23 يونيو 2025، دوّى إنذار الصواريخ في سماء الخليج، لا بسبب اشتباك أمريكي–روسي ولا نتيجة حرب أهلية في العراق، بل لأن إيران قررت، لأول مرة منذ عقود، قصف قاعدة أمريكية في قطر . المستهدفة كانت قاعدة العديد الجوية ، وهي المركز العصبي للوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، وتُوصف بأنها "العين التي ترى كل شيء من الخليج حتى أفغانستان". لكن لماذا أقدمت طهران على هذه الخطوة غير المسبوقة؟ ولماذا اختارت قطر بالذات، رغم أنها من بين الدول …

بين التعاطف الإنساني والتوظيف السياسي: متى يصبح البكاء على الضحايا أداة حرب؟

في مشهد متكرر لا يكاد يغيب عن الشاشات، تُعرض صورة طفل ممدد تحت الركام، أو أم تحتضن جثمان ابنها، أو شاب يصرخ وهو يركض حافيًا وسط الدخان. هذه الصور تهزّ القلوب، وتثير تعاطف الناس في مشارق الأرض ومغاربها. لكنها، في كثير من الأحيان، لا تكون بريئة. فالدموع – في زمن الحرب – ليست دائمًا فعلًا إنسانيًا، بل قد تُستدرج لتصير أداة سياسية، ويُعاد توجيهها لتخدم هدفًا غير الذي تبدو عليه. لا كل ضحية تُبكى… من يُقرر من نرى؟ ليس كل من يموت يُعرض. وليس كل من يُ…

الاحتلال الإسباني للفلبين: إعادة تشكيل الهوية ومحو الثقافة عبر ثلاثة قرون من الاستعمار

في جنوب شرق آسيا، وعلى تخوم التاريخ البحري العالمي، تقف الفلبين كشاهد صامت على واحد من أطول مشاريع الاستعمار وأكثرها عمقًا في إعادة تشكيل المجتمعات من الداخل. ليس من قبيل المصادفة أن تمتد السيطرة الإسبانية عليها لثلاثة قرون؛ فالفلبين لم تكن مجرد محطة تجارية أو موطئ قدم في الشرق، بل تحولت إلى مختبر تطبيقي لفكرة "الاستعمار الحضاري" كما تخيّله الأوروبيون: استبدال الدين، وتغيير اللغة، وهندسة الثقافة من الجذور. لكن ما الذي يعنيه أن تُنتزع …

تحميل المزيد
لم يتم العثور على أي نتائج