
المشهد بعد سقوط الملكية (1952–1954)
-
بعد ثورة 23 يوليو 1952، دخلت مصر مرحلة انتقالية شديدة التعقيد، حيث تم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية بشكل مؤقت تحت قيادة المجلس العسكري المؤقت.
-
قاد الثورة ضباط حركة الضباط الأحرار، برئاسة محمد نجيب كرئيس شكلي للدولة، بينما بدأ عبد الناصر يتبوأ مركز القوة الحقيقية داخل الحركة.
-
الهدف المعلن كان تحقيق الاستقلال الوطني، إنهاء النفوذ البريطاني، وإعادة ترتيب الجيش والإدارة المركزية، لكنه أيضًا كان بداية لتصفية الحسابات بين القوى السياسية المختلفة داخل الحركة.
التحديات السياسية الداخلية
-
التنافس بين المدنيين والعسكريين: شهدت الفترة صراعات بين القيادات المدنية المطالبة بالديمقراطية والضباط الذين فضلوا نهجًا أكثر مركزية.
-
الأحزاب القديمة والدور الشعبي: الأحزاب السياسية التي نشأت خلال الملكية حاولت استعادة نفوذها، لكن الثورة أضعفتها بشكل كبير، خاصة الأحزاب الموالية للملكية أو القريبة من النفوذ البريطاني.
-
القضاء على النفوذ الأجنبي: أولويات المجلس العسكري شملت الضغط على البريطانيين لتسليم القواعد العسكرية، خاصة في قناة السويس، وهو ما بدأ يتحقق تدريجيًا عبر اتفاقيات سياسية واقتصادية.
التحولات الاقتصادية والاجتماعية
-
الفترة الانتقالية شهدت محاولات إصلاح زراعي وتوزيع الأراضي، بهدف كسب تأييد الفلاحين وتقليل النفوذ الإقطاعي الذي دعم الملكية سابقًا.
-
بدأ تأسيس مؤسسات الدولة الحديثة، بما في ذلك أجهزة الأمن المركزي والإدارة المدنية التي ستكون قادرة على تنفيذ سياسات الدولة الجديدة بعد فترة قصيرة.
تصاعد دور جمال عبد الناصر
-
من عام 1954، بدأ عبد الناصر يترسخ كقائد مركزي للحركة والسياسة المصرية، مستفيدًا من شعبيته بين الضباط والفلاحين، ومن موقفه الرافض للنفوذ البريطاني والسيطرة الأجنبية.
-
تضمنت هذه المرحلة محاولات توحيد القوى الوطنية تحت قيادة مركزية قوية، مع بداية بناء خطاب قومي يركز على الاستقلال، العدالة الاجتماعية، وتحرير السودان من النفوذ الأجنبي.
-
في نوفمبر 1954، استقال محمد نجيب بعد تصاعد الصراعات الداخلية، ليصبح عبد الناصر القائد الفعلي لمصر، ممهداً الطريق لسياسة أكثر صرامة وتوجه نحو تحديث الدولة وجعلها لاعبًا مؤثرًا في السياسة الإقليمية والدولية.
خاتمة الجزء الثالث
-
هذه المرحلة الانتقالية كانت حاسمة في تشكيل هوية الدولة المصرية الحديثة، حيث وضعت الأسس للنظام الجمهوري، وأعادت ترتيب الموازين السياسية والعسكرية.
-
كما شكلت مرحلة الانتقال هذه أرضية لانطلاق السياسة القومية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي ستصبح ملامح حكم عبدالناصر لاحقًا، مع التركيز على استقلال القرار الوطني والسيطرة على الموارد الاستراتيجية مثل قناة السويس.