تحليل الأحداث

الدولار يضعف.. لكن من يربح؟ .. قراءة في أسطورة تراجع الهيمنة المالية

في كل مرة يهتز فيها الدولار أو يتراجع أمام بعض العملات، تتعالى الأصوات لتُعلن نهاية الهيمنة الأمريكية وسقوط العرش المالي الذي حكم العالم منذ الحرب العالمية الثانية. لكن هذه الحماسة كثيرًا ما تُخفي سؤالًا أكثر عمقًا: هل تراجع الدولار الحقيقي يعني تراجع القوة أم إعادة توزيعٍ ذكيّ للأرباح؟ بين خطاب الانحدار وتضليل الأرقام، يظل الواقع أكثر تعقيدًا من توقعات الحالمين بعالم “ما بعد الدولار”. فالمسألة ليست سعر صرف صاعدًا أو هابطًا، بل بنية سلطة اقتصاد…

السودان: من يملك حق القرار في الخرطوم؟ صراع العواصم على المستقبل

تبدو الحرب في السودان، عند سطحها، صراعًا على السلطة بين قوتين مسلحتين: الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. لكن خلف الدخان، تُدار لعبة أعقد بكثير؛ لعبة تتحكم فيها عواصم إقليمية ودولية تتنافس على رسم معالم السودان القادم. السؤال لم يعد: من يحكم الخرطوم؟ بل: من يمنح حق الحُكم؟ وكيف تحوّل القرار الوطني إلى ورقة مساومة تُنقل بين العواصم التي ترى في السودان بابًا جيوسياسيًا لثروات أفريقيا وممرّاتها الاستراتيجية. أولًا: الخرطوم.. عاصمة تُدار من الخا…

فوز ممداني في نيويورك: الانتخابات المحلية كمختبر سياسي عالمي

أكثر من انتخابات: عندما تتحول نيويورك إلى مختبر عالمي في الظاهر، قد تبدو انتخابات بلدية نيويورك حدثًا داخليًا محدود الأثر، لكن فوز ممداني يكشف عن آليات أوسع للتأثير السياسي والاقتصادي والجيوسياسي . اللافت أن العالم لم يمنح نفس الاهتمام للانتخابات السابقة، ما يعكس حسابات دقيقة لصناع القرار العالميين، ورغبتهم في رصد التحولات الرمزية والعملية التي قد تُعيد تشكيل المشهد الأميركي والدولي على المدى المتوسط. كسر التقليدية: الفوز الذي يغير قواعد اللعب…

الشلل الحكومي في الولايات المتحدة.. كشف ما وراء الرواية

دخلت الحكومة الفيدرالية الأمريكية في حالة شللٍ يوم 1 أكتوبر 2025، بعد فشل United States Congress في إقرار تمويلٍ جديد للمصروفات، ما جعلها تتجاوز أطول فترة إغلاق حكومي في تاريخ البلاد. ما بين العناوين الإعلامية التي تقدّم هذه الأزمة باعتبارها “خلافاً بين الحزبين” أو “توقّفاً مؤقتاً” تكمن حقيقة أكثر تعقيداً، تتعلق بتركيب السلطة الفعلية داخل الدولة الأميركية، وديناميات الاقتصاد السياسي التي لا تُروى. في هذا المقال — سنفكّك الخطاب السائد وراء هذا ا…

السودان: الحرب.. الميدان الذي تعاد فيه هندسة السيادة

أنْ تشتعل الحرب في السودان ليس حدثاً طارئاً، بل كشفٌ متأخر لتآكل الدولة في بنائها العميق. فالصراع بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع لم يكن سوى الشرارة التي أطلقت التناقضات الكامنة: صراع الولاءات، التبعية الاقتصادية، وتحوّل المؤسسات إلى مراكز نفوذ متضاربة. غير أن الأخطر من ذلك هو أن الحرب لم تبقَ داخل السودان، بل تحوّلت إلى ساحة اختبار جديدة في الجغرافيا السياسية الإفريقية والعربية، حيث تُعاد هندسة الخرائط والمصالح، وتُختبر حدود النفوذ ال…

البرازيل: ريو دي جانيرو: عندما تقتل الدولة فقرها وتسمّيها حربًا على الجريمة

لا شيء يفضح زيف مفهوم “الأمن” مثلما تفعله مدينة ريو دي جانيرو. فحين تُرسل الدولة آلاف الجنود إلى أحيائها الفقيرة تحت عنوان «مكافحة الجريمة»، فإنها في الحقيقة تُعلن حربًا على الفقر ذاته، لا على الجريمة. فالعنف هنا ليس انحرافًا عن النظام، بل هو نتاجه؛ هو الأداة التي تُعيد بها الدولة رسم حدود السيطرة قبل أن تستقبل العالم في قمة المناخ المقبلة. ريو إذًا ليست مجرد ساحة مواجهة بين الشرطة والعصابات، بل مرآة تكشف كيف تقتل الدولة أبناءها باسم حماية المجت…

آسيا-المحيط الهادئ: صعود التوازنات الجديدة وعودة واشنطن المأزومة

لم تكن زيارة دونالد ترامب إلى كوالالمبور لحضور قمة الآسيان حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل تجلّيًا لتحوّل عميق في الجغرافيا السياسية لمنطقة آسيا–المحيط الهادئ. فالمنطقة التي كانت لعقود مسرحًا لصعود الصين، وموطئ أقدام لسياسة الانكماش الأميركية، تشهد اليوم استدارة استراتيجية أميركية متوترة، تحاول واشنطن عبرها أن تعيد تموضعها في قلب المعادلة الجيوسياسية، بعد أن وجدت نفسها محاصرة بين صعود آسيوي متسارع وتراجع داخلي يهدد شرعيتها الدولية. من "الاحت…

حين يتهم الجلاد ضحيته: إسرائيل تزعم أن حماس تقتل شعب غزة

عامين كاملين، لم تهدأ طائرات إسرائيل عن سماء غزة. البيوت تهدمت، المستشفيات تحولت إلى رماد، المدارس والملاجئ صارت قبورًا جماعية، حتى الخيام ومراكز الإيواء ومساجد الله وكنائس المسيح لم تسلم من نيران الاحتلال. وسط هذا الدمار الشامل، تخرج إسرائيل لتعلن بوجه بارد: "حماس تقتل شعب غزة." إنه المشهد الأكثر فجاجة في التاريخ الحديث: القاتل يرفع راية الأخلاق، والمجرم يقدّم نفسه وصيًا على ضحاياه. الخطاب المقلوب: من القاتل إلى المنقذ في عالم الإع…

حين تُخرج الشوارع الملك من البيت الأبيض

في يوم السبت 18 أكتوبر 2025، خرج ملايين الأميركيين إلى الشوارع في أكثر من 2,700 موقع عبر جميع الولايات الأميركية تحت شعار «No Kings» («لا للملوك»).  السبب: خشية متزايدة من أسلوب حكم يُنظر إليه على أنه يميل نحو «سلطة تنفيذية مطلقة»، وأن الرئيس ترامب يتصرف كما لو أنه «ملك» وليس رئيساً خاضعاً للرقابة والدستور.  ما بين رفع الشعارات والتجمعات الحاشدة، ينبثق سؤال مركزي: هل هذه المظاهرات تعبير ديمقراطي ناضج أم مجرد ردّة فعل مضطربة بدون رؤية واضحة؟ و…

الهدوء المشروط بالكرامة: كيف ترد حماس على الانتهاكات الاسرائيلية

حين يتحول وقف إطلاق النار إلى ساحة اختبار جديدة، يفقد معناه الأصلي بوصفه هدنة، ويغدو أداة في يد الأقوى لإعادة رسم حدود الإذعان. هذا هو المشهد الذي تصنعه إسرائيل اليوم في غزة: خروقات متكررة، قصف موضعي، واغتيالات تحت الغبار، ثم تصريحات عن «التزام بالتهدئة». الهدنة هنا ليست استراحة من الحرب، بل استمرار للحرب بوسائل أخرى ، وميزان الكرامة يُقاس بعدد الردود لا بعدد الصواريخ. الخروقات بوصفها سياسة لا حادثة ما تمارسه إسرائيل اليوم ليس خرقًا عرضيًا لات…

غزة: الضامنون في الهدنة: وسطاء أم أوصياء؟

في كل اتفاق هدنة تمرّ به غزة، تظهر لافتة جديدة بعنوان “الضامنون”. لكنّ السؤال الذي لم يُطرح بجدية بعد: من يضمن من؟ ولصالح من؟ فالمسألة لم تعد تتعلق بوقف إطلاق النار فحسب، بل ببنيةٍ كاملة من الوصاية السياسية التي تُدار تحت غطاء “الضمان”، لتصبح غزة ميدان اختبارٍ لمعادلةٍ دولية معقّدة تُعيد تعريف السيادة الفلسطينية نفسها. أولاً: من هم الضامنون؟ الضامنون في الهدنة الأخيرة هم الولايات المتحدة، قطر، مصر، وتركيا ، تحت إشرافٍ رمزي للأمم المتحدة ومتابع…

مدغشقر: على مفترق الطوارئ: تفكيك الأزمة، مقارنة ونماذج معرضة للخطر

ما حدث في مدغشقر في خريف 2025 لم يكن انفجارًا عابرًا لمطالب معيشية فحسب، بل مؤشرًا على هشاشة منظومات حكمٍ لم تعد قادرة على تحويل الموارد العامة إلى خدمات. شرارة انقطاع الماء والكهرباء التقت بغضب شبابي وطبقة حاكمة مستهلكة، فتحولت أزمة تقنية إلى أزمة شرعية. لفهم هذا التحول لا يكفي تتبّع الوقائع اللحظية، بل لا بد من تفكيك البنية السياسية والاقتصادية التي تولّد مثل هذه الانفجارات. الشرارة: أزمة خدمات أم فشل بنيوي؟ المشهد السطحي يروّج لفكرة بسيطة: ان…

غزة: الضمانات: بين التهدئة المؤقتة والمخاطر المستقبلية

مع إعلان وقف إطلاق النار الأخير في غزة، وترويج بعض الأطراف، بما في ذلك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لفكرة أن الحرب “انتهت”، يظل السؤال الأساسي: هل انتهت الحرب فعليًا بمعنى استقرار مستدام، أم أننا أمام مرحلة مؤقتة ضمن خطة أكبر لم تكتمل بعد؟ الواقع يشير إلى أن الوقائع على الأرض توحي بوقف نار مرحلي، مع اتفاقيات مبدئية محفوفة بالشكوك، بينما يبقى احتمال استئناف العمليات العسكرية قائمًا. وقف النار الحالي: مؤشرات على التهدئة هناك عدة مؤشرات …

تحميل المزيد
لم يتم العثور على أي نتائج