فروق: نشأة الأناجيل وتطوّر العقيدة المسيحية واعتماد الثالوث

Friday, May 9, 2025

نشأة الأناجيل وتطوّر العقيدة المسيحية واعتماد الثالوث

تُعد نشأة الأناجيل وتطور العقيدة المسيحية من أكثر القضايا التاريخية والدينية تعقيدًا وتأثيرًا في تشكيل الوعي الديني الغربي. فبينما بدأت المسيحية كحركة روحية بسيطة وسط مجتمع يهودي روماني، تطورت خلال القرون الأولى إلى منظومة عقائدية رسمية تحكمها مؤسسات كنسية صارمة. كتب متعددة وُلدت في هذا السياق، تحمل روايات مختلفة عن حياة المسيح وتعاليمه، إلا أن قليلًا منها فقط اعتُمد لاحقًا كأناجيل رسمية. هذا المقال يستعرض لماذا بقيت بعض الأناجيل وضاعت أخرى، ولماذا ثبتت مصادر التاريخ اليوناني والروماني مقارنةً بالمصادر الدينية المسيحية المبكرة، ضمن تحليل موضوعي شامل. 

نظرة موضوعية في نشأة الأناجيل وتطوّر العقيدة المسيحية


أولًا: واقع الأناجيل في القرون الأولى

  • لم يكن هناك "عهد جديد" موحد في القرون الأولى.
  • تعددت الأناجيل في تلك المرحلة، منها:
  • الأناجيل الأربعة المعروفة اليوم: متى، مرقس، لوقا، يوحنا.
  • أناجيل أخرى استُبعِدت لاحقًا: توما، مريم، فيلبس، بطرس، يهوذا، وغيرهم.
  • كل إنجيل كان يُعبّر عن تيار لاهوتي وجغرافي مختلف داخل المسيحية الناشئة.


ثانيًا: أسباب اعتماد الأناجيل الأربعة دون غيرها

  • الأناجيل الأربعة كانت:

  • الأوسع انتشارًا في الكنائس المختلفة.
  • الأقل جدلًا بين الفرق المسيحية من حيث العقيدة.
  • منسوبة تقليديًا إلى شخصيات لها صلة بالرسل.
  • لم يتم اعتمادها بسبب خلوّها من التعارضات، بل لأنها كانت مقبولة بين التيارات الكبرى.
  • تم استبعاد الأناجيل الأخرى لأنها:

  • خالفت المفاهيم اللاهوتية التي كانت تتبلور.
  • تأثرت بتيارات كالغنوصية التي رفضتها الكنيسة.
  • لم تنتشر على نطاق واسع مثل الأربعة.


ثالثًا: وجود تعارضات داخل الأناجيل المعتمدة

  • الأناجيل الأربعة تحتوي على تعارضات واضحة، منها:

  • اختلاف في نسب المسيح (متى ولوقا).
  • اختلاف في روايات القيامة وزوار القبر.
  • اختلاف في كلمات المسيح الأخيرة على الصليب.
  • الكنيسة لم تحاول توحيدها أو حذف التناقضات، بل قبلتها كتعدد في الشهادات.


رابعا: محاولات توحيد الأناجيل

  • قام "تاتيان" في القرن الثاني بتأليف "الدياطسرون"، وهو دمج للأناجيل الأربعة في نص واحد.
  • رفضت الكنيسة هذا الدمج وأبقت على الأناجيل الأربعة كما هي.


خامسا: تطور العقيدة – عقيدة الثالوث مثالًا

  • لم تكن عقيدة الثالوث مثبتة نصًا صريحًا في الأناجيل.
  • ظهرت بوادر الفكرة في بعض العبارات، لكنها غير كافية لصياغة العقيدة.
  • تطور الفهم اللاهوتي نتيجة الجدل حول:

  • طبيعة المسيح.
  • ألوهية الروح القدس.
  • تم تثبيت العقيدة رسميًا عبر:

  • مجمع نيقية (325م): تثبيت ألوهية الابن.
  • مجمع القسطنطينية (381م): تثبيت ألوهية الروح القدس.


سادسا: استنتاج موضوعي

  • العقيدة المسيحية الرسمية (وخاصة الثالوث) تشكلت بالتدريج عبر التفسير والجدل وليس كنص حرفي صريح.
  • اعتماد الأناجيل جاء وفقًا لتوازنات داخلية بين الفرق، وليس نتيجة وحي موحّد أو إجماع كامل.
  • لو كانت هناك فرقة خامسة قوية آنذاك ولها إنجيل واسع الانتشار، لكان من الممكن اعتماد إنجيل خامس.
  • يمكن وصف اعتماد الأناجيل والعقيدة بأنه خضع بشكل غير مباشر لـ"نوع من التوافق الجماعي" شبيه بالديمقراطية.


. . . في العمق يتجلى الفرق . . .