فروق: الكالاش: شعب الألوان والجبال في قلب باكستان

Friday, May 9, 2025

الكالاش: شعب الألوان والجبال في قلب باكستان

في أعماق جبال شمال باكستان، وتحديدًا في وديان شترال النائية، يعيش شعب صغير فريد من نوعه يُدعى الكالاش. هم أقلية نادرة تتمسك بعقيدة قديمة وثقافة ملونة تثير فضول الباحثين والسياح على حد سواء. بلباسهم الزاهي، وطقوسهم الغريبة، وأسلوب حياتهم المختلف تمامًا عن المجتمع الباكستاني المحيط، يبدون وكأنهم قادمون من زمن آخر. يتعرض هذا الشعب لضغوط دينية واجتماعية تهدد وجوده الثقافي والديني. ورغم ذلك، لا يزالون يقاومون الانصهار، ويتمسكون بهويتهم المميزة كرمز للثراء الإنساني والتنوع.


لحظات تسلط الضوء على الكالاش، هذه الجماعة النادرة بثقافتها وألوانها وطقوسها الغريبة في قلب باكستان:
الكالاش: شعب الألوان والجبال في قلب باكستان

في قلب سلسلة جبال هندوكوش الشاهقة، حيث تعانق الطبيعة السماء، وتغزل الشمس خيوطها الذهبية على القرى النائية، يعيش شعب غامض لا يشبه جيرانه بشيء.
إنهم الكالاش، أقلية صغيرة تتشبث بثقافتها كما تتشبث جذور الأشجار بالمنحدرات الوعرة. في ثلاث وديان ضيّقة بمنطقة شترال شمال غرب باكستان، تنبض حياة مختلفة لا تزال تحمل بصمات آلاف السنين.
من هم الكالاش؟

الكالاش جماعة عرقية نادرة لا يتجاوز عددهم بضعة آلاف. يقال إنهم أحفاد جنود الإسكندر الأكبر، لكن ما هو مؤكد أنهم يحتفظون بأسلوب حياة خاص جدًا، بعيدًا عن العالم الحديث.

هم ليسوا مسلمين كباقي الباكستانيين، بل يتبعون ديانة قديمة تمجد الطبيعة، وتؤمن بوجود أرواح خيّرة وأخرى شريرة. ديانة تمزج بين الوثنية والمجوسية، وتُمارس بطقوس احتفالية واحتكاك مباشر مع الجبال والأنهار والنجوم.
المرأة الكالاشية: أيقونة الجمال والحرية

عندما تزور وادي بمبوريت، تلفتك على الفور النساء الكالاشيات بملابسهن السوداء المطرزة بخيوط برتقالية وصفراء وزرقاء زاهية. على رؤوسهن تيجان من الخرز والزهور، وابتساماتهن تعكس ثقة واعتزازًا بالهوية.

بعكس المجتمعات المحافظة حولهم، تعيش النساء هنا بحرية نسبية. لهن الحق في اختيار الزوج، والمشاركة في الاحتفالات، بل أحيانًا في طلب الطلاق أو الزواج من جديد إذا أحببن شخصًا آخر، وفقًا لتقليد يُعرف بـ"بريموست".
أعراس وموت... على طريقتهم

في حفلات الزفاف، تصدح الأهازيج، وترقص الفتيات والفتيان على إيقاعات طبول جبلية عتيقة. لا مهر ثقيل، ولا مظاهر تكلّف، بل فرح صافٍ واحتفال بالحب.

لكن العجيب أن الموت لديهم لا يُقابَل بالحزن، بل بالفرح! فحين يموت أحدهم، يُحتفل به كما يُحتفل بالأبطال. تقام حفلة موسيقية، تُروى قصصه، وتُقدَّم الأطعمة للضيوف. ففي عقيدتهم، الروح تحلّق إلى عالم أعلى، ولا داعي للبكاء عليها.
التهديد القادم من الخارج

لكن هذه اللوحة الفريدة مهددة بالاندثار. الضغوط الاجتماعية والدينية تطوّق الكالاش من كل جانب. يحاول البعض دفعهم لاعتناق الإسلام، أحيانًا عن قناعة، وأحيانًا تحت ضغط المجتمع أو إغراءات التعليم والمساعدات. من يترك ديانة الكالاش يُفصل عن مجتمعه، ويخسر حقه في العودة إلى الطقوس.

قصص مثل قصة الفتاة "رنزيه" التي اعتنقت الإسلام في سن صغيرة عام 2016، تسببت في موجات غضب داخل المجتمع الكالاشي، وأثارت تساؤلات حول حرية المعتقد والحماية القانونية للأقليات.
هل من أمل؟

رغم الصعوبات، لا يزال الكالاش يقيمون مهرجاناتهم، يزينون جبالهم بالألوان، ويعلّمون أطفالهم لغتهم "كالاشا مون" المهددة بالزوال. وهناك جهود من منظمات ومؤسسات لمحاولة الحفاظ على تراثهم، وتعزيز السياحة الثقافية إليهم.

لكن السؤال يبقى: هل سيبقى الكالاش كما هم، أم تذوب ألوانهم في طوفان العصر؟

هل ترغب بتحويل المقالة إلى ملف PDF أو عرض بصيغة قابلة للنشر؟

. . . في العمق يتجلى الفرق . . .