20 يونيو 2025 | التصعيد بلا سقف: حرب المواقع تستنزف الجميع

مع دخول الحرب أسبوعها السادس، يتعمّق الصراع العسكري وتتسع رقعته السياسية. 20 يونيو لم يحمل مفاجآت ميدانية كبرى، لكنه كشف عن حقيقة استراتيجية مفزعة: هذه ليست حرب ضربات متبادلة، بل حرب مواقع طويلة النفس، حيث يحاول كل طرف استنزاف الآخر دون كسر القواعد الكبرى… حتى الآن.

ومع غياب أي مؤشرات على التهدئة، وارتفاع حدة الخطاب الإسرائيلي، وتوسع الردود الإيرانية، تبدو المنطقة على حافة تحوّل استراتيجي جديد، قد يتجاوز مجرد الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى إعادة رسم قواعد الاشتباك الإقليمي.


أولًا: التطورات العسكرية الميدانية

1. استمرار القصف المتبادل بوتيرة عالية

شهد اليوم أكثر من 40 غارة جوية إسرائيلية على أهداف إيرانية في محافظات أصفهان وهمدان وطهران الكبرى.
في المقابل، أطلقت إيران موجة جديدة من المسيّرات على منشآت إسرائيلية في بئر السبع والقدس المحتلة، تسببت بإغلاق مؤقت لعدة منشآت طاقة.

2. استهداف متبادل لمخازن الوقود

إيران استهدفت مستودعات نفطية قرب عسقلان، مما أدى إلى حرائق ضخمة، بينما ضربت إسرائيل مواقع تخزين للطاقة قرب تبريز، ضمن ما يبدو أنه مرحلة استنزاف البنية اللوجستية للطرفين.

3. اشتعال الجنوب اللبناني مجددًا

شهد الجنوب اللبناني اشتباكات نارية مكثفة بين وحدات حزب الله والجيش الإسرائيلي، إثر محاولة تسلل محدودة – حسب الرواية الإسرائيلية – عبر منطقة شبعا.
الرد الإسرائيلي كان عنيفًا جدًا، وتسببت الغارات بوقوع عشرات القتلى من عناصر الحزب، وسط توتر متصاعد في الداخل اللبناني.


ثانيًا: المشهد السياسي والدولي

1. انقسام دولي حاد في مجلس الأمن

استمر انعقاد جلسة مغلقة لمجلس الأمن دون إصدار بيان موحّد.

  • الولايات المتحدة دافعت عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
  • روسيا طالبت بوقف إطلاق نار فوري واعتبرت الضربات الإسرائيلية غير مبررة.
  • الصين دعت لضبط النفس وحذّرت من “تدويل النزاع عبر أطراف ثالثة”.

2. الخليج في حالة تأهّب صامت

رغم غياب التصريحات الرسمية، شهدت بعض العواصم الخليجية (خاصة أبوظبي والرياض) تحركات عسكرية احترازية، تشمل رفع حالة التأهّب الجوي وتحريك وحدات دفاعية نحو المنشآت النفطية الساحلية.


ثالثًا: مؤشرات استراتيجية جديدة

  • خطاب إسرائيلي مسرّب يلمّح إلى نية توسيع نوعية العمليات، مع “حق استباقي لضرب أي خطر محتمل في عمق إيران”.
  • إيران تواصل استخدام استراتيجية "النزف البطيء"، مركّزة على استهداف البنية الاقتصادية والسيبرانية الإسرائيلية، بدلًا من المواجهة الكبرى.
  • بوادر استنزاف تظهر على الجبهة الإسرائيلية مع تصاعد الاحتجاجات المدنية في تل أبيب وبئر السبع، مطالبة بالحماية الفعلية للمدن بدلًا من الشعارات.


خلاصة 

20 يونيو ليس يوم اشتعال جديد، بل يوم تثبيت لمسار استنزاف طويل الأمد. لم يعد السؤال متى تنتهي الحرب، بل: إلى متى تستطيع الأطراف أن تتحمّل كلفتها؟
وفي حين يبدو أن إيران تراهن على طول النفس، فإن إسرائيل تراهن على ضربة قاصمة تقلب المعادلة. أما العرب والعالم، فهم في انتظار أن يكسر أحدهم السقف… أو أن ينهار وحده.

أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال