إسرائيل: حدود بلا حدود.. تتوسّع إن عُدمت المقاومة

ليست الحدود في العقل الإسرائيلي مجرد خطوط فاصلة بين دول، بل هي أدوات قابلة للتعديل كلما تغيّرت موازين القوى. فمنذ لحظة إعلان قيام إسرائيل، بقيت حدودها مفتوحة، مؤجلة، غامضة.

وكلما ضعفت المقاومة الفلسطينية أو غابت، تمدّدت هذه الحدود بوقائع جديدة، لا بخطابات رسمية. فالمشروع الإسرائيلي لا يهدف إلى "دولة طبيعية"، بل إلى كيان لا يريد الاكتمال، لأن الاكتمال يعني التوقف.

عقيدة الغموض: الحدود كخيار وليس التزام

لم تُعلن إسرائيل في أي لحظة من تاريخها حدودًا نهائية ملزِمة. حتى بعد حروبها واحتلالاتها، لم تُعرّف نفسها جغرافيًا، بل أبقت مفهوم "الحدود" أداة استراتيجية قابلة للتوسيع. هذا الغموض لم يكن ضعفًا مؤسسيًا، بل سياسة واعية.
ففي منطق المشروع الصهيوني، الحدود تُرسم بالقوة، لا بالخرائط.

كلما ضعفت المقاومة.. تمدّدت الخريطة

وجود مقاومة فلسطينية، مهما كانت محدودة أو محاصرة، يشكل عائقًا أمام الضم والتوسع. هي لا تُحرّر الأرض فقط، بل تُجمّد المخطط، تؤخر الزحف. أما حين تختفي المقاومة، أو تتحوّل إلى جهاز منضبط يضبط شعبه لا عدوه، تبدأ المرحلة التالية:

  • ضم الضفة الغربية جزئيًا أو كليًا.
  • فرض الحكم الإداري بلا مواطنة، حيث يتحول الفلسطيني إلى "مقيم قابل للإزالة".
  • محاصرة غزة حتى الاختناق أو التفريغ السكاني.
  • توسيع المستوطنات وربطها جغرافيًا، ليصبح التراجع مستحيلًا.

الجغرافيا كفكرة عقائدية

إسرائيل لا تتوسّع بدافع الحاجة السكانية فقط، بل بفعل العقيدة والرمز. "أرض الميعاد" في الوعي التوراتي لا تتوقف عند نهر الأردن. ولهذا، فإن كل حدّ يُرسم، هو مؤقت، قابل للإلغاء.
الحدود – في منطق الاحتلال – ليست إطارًا سياديًا، بل مرحلة من مراحل الزحف.

الخلاصة: لا حدّ لمن لا يُقاوَم

حين تغيب المقاومة، لا تعود "إسرائيل الكبرى" شعارًا متطرفًا، بل مشروعًا قابلًا للتطبيق بهدوء.
إن زوال المقاومة لا يعني نهاية الحرب، بل نهاية قدرة الشعب الفلسطيني على إبقاء خريطته حيّة.

ففي غياب الرادع، تتقدّم الجرافة، وتُعاد صياغة الأرض، ويذوب الخط الأخضر، وتُرسم خريطة جديدة.. بلا حبر، بلا إعلان، بلا حدود.

أحدث أقدم

ويجد بعد عنوان المقالة

📌