سلسلة: الحملات الصليبية.. حين يُختطف الدين ليقود الجيوش

في الذاكرة الغربية، تُقدَّم الحملات الصليبية باعتبارها ملحمة دينية بطولية، خاضها فرسان المسيحية لتحرير “الأراضي المقدسة” من “الاحتلال الإسلامي”. لكن هذه الصورة الرومانسية لا تصمد طويلًا أمام الوقائع، فالحقيقة التاريخية أكثر تعقيدًا ودموية مما تروّجه الرواية الكلاسيكية. 

لم تكن الحملات الصليبية مجرّد حروب دينية كما وُصفت، بل كانت في جوهرها مشروعًا توسعيًا إمبرياليًا مبكرًا، جرى فيه توظيف الدين كغطاء لتحريك الجماهير وتحقيق مكاسب سياسية وتجارية. انطلقت شرارتها في لحظة حرجة من تاريخ أوروبا، حيث تقاطعت الأزمات الداخلية للكنيسة الكاثوليكية مع طموحات النبلاء والفقر العام والتنافس على طرق التجارة الشرقية. فكان الدين هو الواجهة، بينما كانت الغنائم والموانئ والمواقع الاستراتيجية هي الهدف الحقيقي. 

وفي الشرق، لم تأتِ هذه الحملات في لحظة قوة للمجتمعات الإسلامية، بل في لحظة تمزّق سياسي وفتور ديني وانقسام سلالي. فوجدت الجيوش الصليبية طريقًا مفتوحًا، لتقيم ممالك احتلالية على سواحل الشام والقدس والأناضول. وسرعان ما تحوّلت هذه الممالك إلى أدوات أوروبية للسيطرة والتحكم في مفاصل الشرق. 

لكن الأخطر من كل ذلك أن هذه الحروب دشّنت نمطًا جديدًا من “تديين السياسة”، حيث لم تعد المعارك تُخاض من أجل الأرض أو الموارد، بل باسم السماء، وبشعارات خلاصية تُحوّل العدو إلى كائن كافر لا يستحق الحياة. وهو النمط الذي سيُعاد إنتاجه لاحقًا في صور استعمارية مختلفة، من الجزائر إلى فلسطين، ومن العراق إلى أفغانستان. 

لقد آن الأوان لإعادة قراءة هذا التاريخ ليس كوقائع عسكرية، بل كمرآة لصراع المفاهيم والسرديات. سلسلة “الحملات الصليبية” في مدونة “فروق” لا تهدف إلى تكرار ما في كتب المناهج، بل إلى تفكيك الرواية الرسمية، وكشف الدوافع الحقيقية، وتحليل الخطاب الذي جعل من الحرب عملاً مقدسًا، ومن القتل طقسًا خلاصياً. 

هذه ليست سلسلة عن التاريخ فقط، بل عن الحاضر أيضًا. لأن ما بدأه الصليب، استكمله الاستعمار الحديث، وورثه من بعدهم من أرادوا تحويل الدين من محرّك تحرر إلى وسيلة للغزو أو تبرير الاحتلال. 

قائمة الحملات الصليبية 

بقيادة غودفري دي بويون وبوهمند، وانتهت بسقوط القدس.  

بقيادة لويس السابع وكونراد الثالث، واستهدفت دمشق وفشلت.  

بقيادة ريتشارد قلب الأسد، وفيليب الثاني، وفريدريك بربروسا. 

حوّلها الصليبيون من القدس إلى القسطنطينية فاحتلوها.  

توجهت نحو مصر (دمياط) لكنها انتهت بهزيمة ثقيلة.  

تفاوض فيها فريدريك الثاني واستعاد القدس سلميًا.  

قادها لويس التاسع ضد مصر، وانتهت بهزيمته وأسره.  

انطلقت نحو تونس لكنها فشلت بموت لويس التاسع فيها.  

آخر المحاولات الصليبية في الشام، قادها إدوارد الأول.  

حين انطفأ الحلم الصليبي على أسوار المدينة الأخيرة

مشروع لم يفشل... بل تبدّل

أحدث أقدم
🏠