
سردية التغيير المعلنة
الإعلام الغربي، مدعومًا بآليات الدعاية السياسية، روّج لهذه الثورات كسقوط للأنظمة الاستبدادية لصالح أنظمة ديمقراطية حديثة، مع تجاهل أو تقليل الحديث عن التدخلات الخارجية، الصراعات الداخلية على السلطة، والتقسيمات الطائفية والعرقية التي استفادت من الفوضى.
التزييف الإعلامي والتحكم بالرأي
تم استثمار وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لتوجيه مسار الثورات وتوجيه الرأي العام، من خلال إبراز قوى معينة على حساب أخرى، وتصوير بعضها كضحايا، والآخرين كإرهابيين أو مرتزقة. هذا التزييف أخفى حقيقة أن العديد من هذه التحركات كانت مدفوعة بصراعات إقليمية وخطط تحالفات دولية تستهدف إعادة تشكيل المنطقة وفق مصالح كبرى.
الأبعاد السياسية المخفية
بجانب ذلك، تمت صياغة سرديات توحي بأن هذه الثورات تؤسس لحقبة جديدة من الحرية والديمقراطية، في حين أن الواقع كان تحالفات قوى دولية وإقليمية تحاول فرض نفوذها عبر وكلاء محليين، ما أدى إلى تعميق حالة الانقسام والصراعات المسلحة، وخلق أزمات إنسانية واقتصادية غير مسبوقة.
قراءة بديلة
من منظور نقدي، يمكن القول إن هذه الثورات لم تكن دائمًا ثورات حقيقية نابعة من إرادة جماهيرية خالصة، بل كانت مسرحًا معقدًا لتصفية حسابات داخلية وخارجية. الفهم الحقيقي يتطلب النظر إلى المصالح الجيوسياسية والتدخلات التي أعادت رسم خارطة المنطقة بطريقة تخدم قوى خارجية، على حساب الشعوب وحقوقها الحقيقية.
خاتمة
الثورات العربية مثال واضح على كيف يمكن للسرد الإعلامي والسياسي أن يشوه الحقيقة، ويستخدم الأحداث الشعبية لتحقيق أجندات استراتيجية. نقد هذه السرديات يكشف لنا أبعاد الصراع الحقيقية ويمنحنا فهماً أعمق لواقع المنطقة وأزماتها المعقدة.