في عالم يبدو أنه يُدار بالقوانين الاقتصادية أكثر من القوانين السياسية، أصبحت الحروب لا تُخاض بالمدافع والصواريخ، بل بالأسواق، العملات، التكنولوجيا، والموارد. الحروب الاقتصادية هي الوجه الأكثر هدوءًا للهيمنة العالمية، لكنها الأكثر تأثيرًا على حياة الشعوب والدول. من المنتجات الرخيصة التي تكتسح الأسواق، إلى القروض والديون التي تقيّد الدول، مرورًا بالسيطرة على المعادن النادرة والطاقة، وصولًا إلى التكنولوجيا الرقمية التي تحدد من يمتلك المعرفة ومن يبقى تابعًا، نكتشف أن النظام الدولي يُدار بآليات مالية وصناعية وتجارية، تكاد تخفي خلفها أي مظهر للقوة العسكرية التقليدية.
هذه السلسلة تهدف إلى تفكيك هذه الأدوات الاقتصادية، وتحليل كيفية استخدامها كأدوات ضغط وسيطرة، وكيف تُحوّل الأسواق إلى ساحات صراع هادئة لكنها قاسية. سنتناول الحروب الصناعية والتجارية، الحروب المالية والنقدية، الحروب التكنولوجية والرقمية، الحروب الطاقية والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى التحليل النقدي للاستراتيجيات المختلطة التي تستخدمها القوى الكبرى لضمان الهيمنة على العالم دون إطلاق رصاصة واحدة. ليست مجرد سرد للسياسات الاقتصادية، بل محاولة لكشف الوجه الخفي للحروب الاقتصادية، وفهم كيف تتحكم الدول الكبرى في الاقتصاد العالمي لصالح مصالحها، وكيف يتحمل المواطن العادي تبعات هذه الاستراتيجيات، أحيانًا دون أن يدرك.
