في الوقت الذي يُصوّر فيه العالم العربي على أنه يمارس سيادته السياسية والاقتصادية بحرية، تكشف دراسة متعمقة أن القرار الوطني غالبًا ما يُدار ضمن شبكات خفية من النفوذ والسيطرة. هذه السيطرة لم تعد تقتصر على التدخل العسكري أو النفطي التقليدي، بل توسعت لتشمل التمويل الدولي، التحكم في البيانات الرقمية، الاتفاقيات الاقتصادية المشروطة، وحتى المساعدات الإنسانية. من خلال هذه الأدوات، تستطيع القوى الكبرى توجيه السياسات الداخلية، إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، وتأثير حياة المواطنين بشكل مباشر، دون أن تظهر على السطح بوصفها وصاية واضحة.
تركز هذه السلسلة على كشف آليات النفوذ المعاصر على الدول العربية، وفحص كيف تتحكم المصالح الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية في القرار الوطني. سنتناول حالات ملموسة، ونحلل الدور الذي تلعبه المؤسسات الدولية، الصناديق السيادية، والتحالفات الثنائية والمتعددة في صياغة السياسات، وكيف تُفرض على الحكومات العربية بشكل تدريجي تحت غطاء الشفافية والدعم بهدف تقديم قراءة نقدية عميقة، تكشف الفارق بين السيادة المعلنة والسيطرة الفعلية، وتوضح كيف تتحرك القوى الكبرى لتبقي المنطقة ضمن دائرة النفوذ، بينما المواطن العربي غالبًا ما يكون المتضرر الأكبر من هذه السياسات.
