
في هذا القرن الحادي والعشرين، لم يعد التاريخ يُكتب بالحروب التقليدية وحدها، بل بصراع أكثر تعقيدًا تتداخل فيه أدوات القوة الصلبة والناعمة معًا. الأرض تتحرك تحت أقدامنا في صمت، لكن موازين القوة العالمية تتغير بسرعة مذهلة، حتى أن معظم الشعوب تتابع الأحداث دون أن تستوعب أن المشهد بأكمله يعاد ترتيبه على نحو شامل. ما نشهده ليس مجرد سباق نفوذ بين القوى العظمى، بل إعادة صياغة للنظام الدولي بأدوات اقتصادية، تكنولوجية، إعلامية، وحتى معرفية، حيث أصبح التحكم في الوعي لا يقل أهمية عن التحكم في الأرض والموارد.
حروب الطاقة والموارد الطبيعية تُدار كأوراق مساومة بين الكبار، بينما تُبنى التحالفات في الغرف المغلقة بصفقات لا تُعلن كاملة للرأي العام. التكنولوجيا بدورها أصبحت جبهة مفتوحة، من الذكاء الاصطناعي إلى السيطرة على البيانات وسلاسل الإمداد، ما يجعل أي دولة عاجزة عن مواكبة هذه التحولات مهددة بالتهميش أو التفكك.
في هذه السلسلة، نغوص في عمق هذه التحولات الجيوسياسية والاقتصادية والتكنولوجية، ونفكك شبكات المصالح التي تبدو متفرقة لكنها متصلة بخيوط دقيقة. فما يجري اليوم ليس نتاج صدفة، بل هندسة متقنة لمستقبل العالم… ومصير منطقتنا العربية سيكون في صميم هذا الصراع.
