نهاية الحملات الصليبية وسقوط عكا (1291م) : حين انطفأ الحلم الصليبي على أسوار المدينة الأخيرة

لم تكن سنة 1291 مجرد تاريخ عسكري، بل لحظة فارقة أسدلت الستار على قرنين من الصراع، وأغلقت بوابة الحلم الأوروبي في السيطرة على الشرق. كانت عكا آخر معقل صليبي في الشام، وأشدها تحصينًا، لكنها سقطت كما سقطت قبلها القدس وأنطاكية. وبسقوطها، انتهى ما سُمّي بـ"الحملات الصليبية الكبرى" إلى غير رجعة، وبدأ طور جديد من علاقة الغرب بالشرق: طور الاستعمار الناعم بدل الحرب المباشرة.

1. مدة البقاء

دام الوجود الصليبي في مدينة عكا حوالي 100 عام، منذ أن استعادها الصليبيون سنة 1191م في الحملة الثالثة، حتى سقوطها على يد المماليك في 1291م.

2. أبرز القادة في الحملة

لم تكن هناك حملة صليبية جديدة عام 1291، بل مقاومة أخيرة لتحصين المدينة ضد زحف المماليك. أبرز من قاد الدفاع:

  • جان دي غرايلي: أحد كبار فرسان المعبد.
  • قادة فرسان الإسبتارية والتيوتون.
  • بعض النبلاء الأوروبيين الذين ظلوا في عكا بعد الحملات السابقة.

3. السبب المعلن

الدفاع عن "أرض الرب" وآخر المعاقل الصليبية المقدسة، ومنع زحف المسلمين نحو البحر.

4. السبب الحقيقي

  • الحفاظ على النفوذ الاقتصادي والسياسي الأوروبي في شرق المتوسط.
  • الخوف من انهيار كامل للمشروع الصليبي بعد فقدان القدس وأنطاكية وطرابلس.
  • حماية مصالح الدول الإيطالية (مثل جنوة والبندقية) التي كانت تدير شبكات تجارة في عكا.

5. أهم الأحداث العامة

  • في ربيع 1291، بدأ السلطان الأشرف خليل حصار عكا بقوة ضخمة.
  • استمر الحصار نحو 45 يومًا، وتخلله قصف مكثف ومحاولات اختراق الأسوار.
  • استطاع المماليك في 18 مايو اقتحام المدينة بعد انهيار جزء من الأسوار.
  • وقع قتال شرس داخل المدينة، ثم مجازر وفوضى، وفرّ من بقي حيًا من الصليبيين على السفن.

6. أهم الأحداث العسكرية والسياسية

  • استخدم المماليك الأسلحة الثقيلة والمنجنيق الضخم ("العزيزية") لهدم الأسوار.
  • قُتل أغلب فرسان المعبد والفرسان الإسبتاريين الذين رفضوا الانسحاب.
  • سقطت القلاع الدفاعية تباعًا، وأُعلن تطهير المدينة بالكامل من الوجود الصليبي.

7. أبرز القادة المسلمين

  • السلطان الأشرف خليل: ابن السلطان المنصور قلاوون، وكان حاسمًا في قراره بإنهاء الوجود الصليبي.
  • الأمير سنجر الشجاعي وبيبرس الجاشنكير: من أبرز القادة الميدانيين في الحصار.
  • كانت القيادة المملوكية منضبطة ومنظمة على خلاف الفوضى التي سادت صفوف الصليبيين.

8. أبرز الملوك والحكام من جانب الحملة

لم تكن هناك حملة ملكية فعلية، لكن كان في عكا بعض قادة التنظيمات الصليبية:

  • قادة فرسان المعبد والإسبتارية.
  • ممثلون لتجار جنوة والبندقية.
  • لم تشارك أي دولة أوروبية رئيسية بإرسال جيش رسمي.

9. النهاية والخروج

  • سقطت عكا نهائيًا في 18 مايو 1291م.
  • فرّ من تبقى من الصليبيين إلى قبرص، التي أصبحت الملجأ الأخير للمشروع الصليبي السياسي.
  • قام المماليك بهدم أسوار المدينة ومسح قواعد الفرسان من جذورها.
  • لم تُقم بعدها أي حملة صليبية كبرى لغزو الشام.

الخاتمة التحليلية

بسقوط عكا، انتهت مرحلة "الحملات الصليبية بالسيف" وبدأت حملات أخرى: بالكلمة والتجارة والثقافة والسيطرة الاقتصادية.
أدرك الغرب أن كسر الشرق لا يكون باحتلال الأرض فحسب، بل بتفكيك وعيه وثقافته، وبدأ عصر الاستعمار الجديد الذي سيتطور في القرون التالية.
أما العالم الإسلامي، فكان عليه أن يدرك أن سقوط العدو لا يعني النهوض التلقائي، وأن المعركة الأخطر بدأت بعد رحيل السيوف لا قبلها.


وصف الصورة المقترحة

لوحة رمزية تظهر المدينة القديمة لعكا عند الشروق، تعلوها راية مملوكية، وفي مقدمتها أسوار مهدّمة وبقايا خوذات صليبية متناثرة، بينما تبحر آخر سفينة في الأفق حاملة فلول الهاربين.

أحدث أقدم
🏠