
في عالم يُفترض فيه أن التجارة والاقتصاد تقوم على مبدأ التبادل الحر والمصالح المتبادلة، يكشف الواقع عن شبكة معقدة من النفوذ والهيمنة التي تحكم مسارات المال والتجارة. فالاقتصاد لم يعد مجرد أداة لتوليد الثروة، بل أصبح ساحة للصراع على القوة والسيطرة، حيث تُوظف القوة العسكرية، النفوذ السياسي، السيطرة المالية، والمعايير الدولية كأدوات ضغط وإكراه على الدول والشعوب. تحت هذا السقف، تتحكم القوى الكبرى في التمويل، التكنولوجيا، وسلاسل الإمداد العالمية، معيدة تشكيل السيادة الوطنية وفق مصالحها، وغالبًا على حساب التنمية المستقلة للشعوب الأخرى.
سلسلة "الاقتصاد الجبري" تحلل هذه الظواهر من منظور نقدي معمق، مستعرضة حالات تاريخية ومعاصرة تُظهر كيف يتحول الاقتصاد إلى أداة جبر سياسية، وكيف تُفرض القرارات الاقتصادية الكبرى بالقوة أو بالتهديد الخفي، بما يجعل الدول مجرد لاعبين تابعين على رقعة شطرنج عالمية تُدار بيد القوى العظمى.
نهدف من خلال كل مقال إلى تفكيك هذه الديناميات، وفهم كيفية تحويل التجارة والتمويل إلى أدوات ضغط واستلاب، وكيف ينعكس ذلك على سيادة الدول، قدرتها على اتخاذ القرار، ومستقبل شعوبها. إنها قراءة لا تقتصر على الأرقام والمعاملات الاقتصادية، بل تكشف الوجه السياسي والجبري للعولمة.
