سلسلة سياسية أيديولوجية: سلسلة: التمرد العقائدي والحركات السياسية في التاريخ الإسلامي

لم يكن التاريخ الإسلامي مجرد سرد لفتوحات وصراعات بين دول، بل كان أيضًا مسرحًا لتيارات عقائدية تمردت على المألوف، وغيّرت مسار الأحداث لقرون. هذه الحركات لم تولد في فراغ، بل نشأت دائمًا عند تقاطع أزمنة مضطربة: انقسام سياسي، صراع مذهبي، أو أزمة اجتماعية عميقة. عندها يخرج تيار يرفع شعارًا نقيًا ومطلقًا، يعد بالخلاص والعدل والمساواة، فيلتف حوله المهمَّشون والساخطون، ثم يتحول بسرعة إلى مشروع سياسي مسلح يسعى إلى إقامة "المدينة الفاضلة" الخاصة به.

من الخوارج الذين رفعوا شعار "لا حكم إلا لله"، إلى القرامطة الذين حوّلوا الكعبة إلى هدف سياسي، ثم الحشاشين الذين جعلوا الاغتيال سلاحًا مقدسًا، وصولًا إلى الموحدين والصفويين الذين أقاموا دولًا مترامية، يتكرر النمط نفسه: بدايات عقائدية متوهجة، توسع عسكري صاخب، ثم انحدار تحت ضغط الداخل والخارج.

هذه السلسلة لا تكتفي بسرد الوقائع، بل تحاول تفكيك الظاهرة: لماذا تعود هذه الحركات للظهور بأشكال مختلفة في كل عصر؟ ما الرابط بين العقيدة الصارمة، والاضطراب السياسي، والتحول إلى العنف؟ ولماذا تنتهي جميعها إلى المصير نفسه رغم اختلاف الأزمنة؟ إنها محاولة لفهم "النمط الخفي" الذي يعيد إنتاج نفسه في كل تجربة.

---