القمم والاجتماعات: ما بعد الستار.. حين تجتمع الأمم بعد نهاية العرض

في المسرح السياسي العالمي، ثمة مشهد يتكرر بلا ملل: قادة الدول يجتمعون تحت أضواء الكاميرات، يجلسون خلف طاولات مصقولة بعناية، يبتسمون للعدسات، يتبادلون الكلمات الرسمية، ثم يخرجون بعد ساعات ببيان مشترك أو قرارات "مصيرية"... وكأن العالم تغيّر في تلك الجلسة العابرة.لكن الحقيقة المخفية خلف الستار تقول غير ذلك تمامًا.ما يُشبه الاجتماع هو في الواقع بروفة نهائية لما تم التوافق عليه مسبقًا. وما يُسمّى "قرارًا مشتركًا" ليس ثمرة تلك الساعة، بل حصيلة شهور من التفاوض الخفي، وموازين معقدة للقوى، وترتيبات لا تُقال في العلن. القادة لا يجتمعون لصنع القرار، بل ليعرضوا أنهم اتخذوه.

تمامًا كما يجتمع الممثلون بعد العرض لتقديم التحية للجمهور، وهم يعلمون أن المشهد انتهى، وأن كل كلمة قيلت على الخشبة كانت مكتوبة سلفًا... كذلك تفعل الأمم في قممها الكبرى. الكواليس كانت تحرّك المشهد منذ البداية، والمفاوضون الحقيقيون غادروا المسرح قبل أن يصفق أحد.


البيانات الختامية في هذه القمم تُكتب بلغة مدروسة: لا تُلزم أحدًا بشيء، لكنها تُعطي إيحاءً بالاتفاق والتقدم. كلمات مثل "نؤكد على أهمية..."، "نعرب عن قلقنا..."، "ندعو إلى..."، تملأ الصفحات، وتُقدَّم للإعلام كإنجازات، بينما الواقع لا يتغير إلا بالقدر الذي تريده القوى الخفية التي صاغت النصوص خلف الأبواب المغلقة.


حتى الخلافات الكبرى تُدار بأسلوب مسرحي: تظهر "اختلافات في وجهات النظر"، بينما الاتفاق الحقيقي قد يكون موجودًا، لكنه غير معلن، لأن وظيفته أن يبقى طي الكتمان، أو أن يُستخدم كورقة ضغط لاحقًا.


القمة ليست المكان الذي يُصنع فيه القرار، بل اللحظة التي يُسوّق فيها القرار للناس. لذلك لا يغرّك اجتماع الرؤساء ولا أضواء التصوير، فالمشهد الحقيقي حدث قبل أن يُرفع الستار.

أحدث أقدم
🏠