مثبت: مقالات

جائزة الديناميت: صناعة الموت باسم السلام

في كل عام، تتجه أنظار العالم نحو أوسلو، حيث تُعلَن جائزة نوبل للسلام. لحظة رمزية يختلط فيها وهج الأخلاق ببريق السياسة، ويُقدَّم للعالم “بطل جديد للسلام” يحمل رسالة الإنسانية. لكن خلف هذا المشهد المتقن، تكمن منظومة أعمق — منظومة تُعيد تعريف السلام وفق مقاييس القوة لا القيم. فما الذي تحوّل في مسار الجائزة حتى أصبحت رمزًا ناعمًا للهيمنة بدل أن تكون ضميرًا كونيًا للعدالة؟ النشأة.. سلام السادة لا سلام الشعوب حين كتب ألفريد نوبل وصيته عام 1895، كان…

صناعة الهوية القومية: من الإغريق إلى الفراعنة إلى الرومان

الأمم الحديثة لا تنشأ من تواصل عضوي مع حضاراتها القديمة، بل من إعادة صياغة الماضي وتوظيفه كأداة سياسية. اليونان قدّمت نفسها كأحفاد الإغريق، مصر كأحفاد الفراعنة، وإيطاليا كأحفاد الرومان. في كل حالة، لم يكن هناك امتداد حضاري فعلي متصل، بل انقطاع طويل تخللته سيطرة إمبراطوريات وتحولات لغوية ودينية وثقافية. لكن مع صعود القومية في القرن التاسع عشر، أصبح استدعاء الماضي ضرورة لبناء شرعية الدولة الحديثة. اليونان: أوروبا تصنع "أحفاد الإغريق" ح…

أمريكا: من دولة تدّعي القانون الدولي إلى أكبر منتهك له

أصبح واضحًا أن الولايات المتحدة لم تعد مجرد مراقب في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بل تحوّلت إلى لاعب رئيسي يُعيد تعريف القوانين الدولية وفق مصالحه. دعمها غير المشروط لإسرائيل جعلها أكبر منتهك للقانون الدولي وحقوق الإنسان بشكل فاضح، مُحوّلة السياسة الدولية إلى أداة لتحقيق أهداف استراتيجية. هذا التحول ليس خطأ عابرًا، بل امتداد لسياسة مدروسة تستخدم إسرائيل كغطاء عملي لتجاوزاتها. أي نقد للانتهاكات الإسرائيلية يُقابل بالدفاع الأمريكي المباشر أو بتشوي…

غزة بعد 700 يوم: حرب بلا نهاية ودرس في الفشل السياسي

مرت غزة اليوم بأكثر من 700 يوم من الحرب المستمرة ، وما زالت المدينة تعاني أقصى درجات الدمار والمعاناة الإنسانية . الصراع لم يعد مجرد مواجهة عسكرية محلية، بل أصبح معركة سياسية وإستراتيجية على المستوى الدولي ، يظهر فيها ضعف المؤسسات الدولية وازدواجية المعايير في حماية المدنيين الفلسطينيين. حجم الدمار والخسائر تشير التقارير إلى تدمير آلاف المنازل والبنى التحتية الحيوية ، وانقطاع الكهرباء والماء لفترات طويلة. المستشفيات تعمل فوق طاقتها مع نقص حاد …

غزة: ما الذي تكشفه الحرب عن مستقبل النظام الدولي؟

غزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة أو ساحة مواجهة محلية، بل تحولت إلى مرآة تكشف شكل النظام الدولي المقبل. فالحرب هناك ليست فقط صراعًا بين مقاومة فلسطينية وجيش احتلال، بل هي اختبار لمدى قدرة أمريكا على فرض وصايتها العالمية في مواجهة عالم يتغير. أمريكا بين الهيمنة والأفول إصرار واشنطن على دعم الإبادة في غزة يكشف أن الولايات المتحدة تعيش حالة قلق استراتيجي . فبعد إخفاقاتها في العراق وأفغانستان، وتعثر مشروعها في أوكرانيا، تحتاج لإثبات أن هيمنتها لم تنكس…

محرقة النازية وجرائم إسرائيل في غزة: وجهان لعملة الإبادة

لم تكن الإبادة النازية لليهود حدثاً عابراً في التاريخ، بل جريمة مؤسسة لما سُمّي لاحقاً "الذاكرة العالمية". غير أن هذه الذاكرة تحوّلت إلى أداة سياسية، تُستحضر لتبرير مشروع آخر يقوم على الإقصاء ذاته: المشروع الصهيوني. ما جرى في أوروبا بالأمس تحت شعار "العرق"، يُعاد إنتاجه اليوم في فلسطين تحت شعار "الأمن". والمفارقة أن الضحية السابقة صارت جلاداً معاصراً، يمارس ما ادّعى أنه عانى منه. إن المقارنة بين النازية وإسرائيل ليس…

السودان: من وراء حميدتي؟ قراءة في النفوذ العسكري والسياسي

منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أصبح السودان ساحة لصراع داخلي معقد أثر بشكل مباشر على استقراره وأمنه. ورغم تورط حميدتي في العديد من الانتهاكات والجرائم، لا يزال يحظى بدعم من بعض القوى الإقليمية والدولية. السؤال الأساسي هنا: لماذا يُستمر دعم شخص يساهم مباشرة في زعزعة استقرار البلاد؟ ولماذا تتجاهل القوى العالمية الانتهاكات التي يرتكبها؟ 1. النفوذ العسكري والاقتصادي لقوات الدعم السريع قوات …

لماذا يخشى الحكام العرب الإخوان أكثر من إسرائيل؟

في عالم السياسة العربية، ليست إسرائيل الخطر الأول على عروش الحكام، بل القوى الداخلية التي تملك القدرة على تحريك الشارع، وإعادة صياغة العلاقة مع الغرب. لهذا يبدو خوف الأنظمة العربية من "الإخوان المسلمين" أكبر من خوفها من جيش الاحتلال الإسرائيلي. التبعية للغرب: أصل المشكلة منذ عقود، بُنيت أنظمة الحكم في المنطقة على أساس الوصاية الخارجية؛ فالدعم الغربي كان وما يزال الضمانة الأولى لبقاء تلك الأنظمة، مهما انهارت شعوبها في أتون الفقر والقمع.…

الملك حسين .. أغبى رهان في التاريخ: حين بُني الوهم وسقطت الأمة

في التاريخ السياسي للأمم، تُبنى الدول بالدماء والحروب والوعي الجمعي، لا بالانتظار على أبواب المستعمر. لكن التجربة العربية مع الملك حسين بن علي، شريف مكة، تمثل واحدة من أكثر اللحظات مأساوية في التاريخ الحديث: لحظة تحوّل الزعامة إلى رهينة وعود أجنبية، وانهيار حلم الوحدة على مذبح الاستعمار. إنها ليست مجرد تجربة فاشلة لشخص، بل محطة فاصلة أسست لسقوط أمة بأكملها، وما زالت تبعاتها تلاحق العرب حتى اليوم. وهم الدولة الممنوحة بينما كان التاريخ يثبت أن ا…

مكتسبات الحرب على اليمن: من شعارات الحسم إلى هندسة الضعف

خاض التحالف حربًا قُدِّمت كعملية لإعادة الشرعية، ردع النفوذ الإيراني، وحماية الملاحة في باب المندب. لكن حصيلة عقدٍ من القتال تُظهر مشهدًا معاكسًا: فشل الحسم وتمدّد الاستنزاف، تفكك الدولة اليمنية، وتبدّل موازين القوة داخل الإقليم. ما يبدو «مكاسب» في الخطاب، انقلب على الأرض إلى ترتيبات هشة، مؤقتة، وقابلة للارتداد، فيما بقي المكسب الوحيد شبه الثابت هو إبقاء اليمن ضعيفًا في معادلة إقليمية تُدار بمنطق «الجبر السياسي». الخطاب المعلَن: أهداف كبيرة بلا…

بوتان: وراء واجهة السعادة الوطنية… التحكم بالوعي وصراع النفوذ الدولي

تقدم بوتان نفسها للعالم على أنها بلد السعادة الوطنية وحماية الهوية البوذية الملكية . رسوم سياحية باهظة، سياج ثقافي، وإعلام مراقب، كلها تُسوَّق كوسائل للحفاظ على الثقافة والطبيعة. لكن وراء هذه الواجهة، هناك سياسات استراتيجية دقيقة تهدف إلى التحكم بالوعي الشعبي، وموازنة النفوذ الدولي، خاصة من الهند والصين، وتقليل التأثير الغربي . 1. الانغلاق الداخلي: شبه شيوعي لإدارة الوعي على الرغم من أن بوتان ملكية دستورية، إلا أن الملك يسيطر على كل مفاصل الدو…

الأمم المتحدة.. جرس منبّه في يد النائمين

في عالمٍ يفيض بالمآسي، لا تبدو الأمم المتحدة أكثر من ساعة منبّهٍ تتردّد رنّاتها في فضاء النظام الدولي، توقظ الضمير للحظة خاطفة، ثم يُسارع اللاعبون الكبار إلى إسكاتها والعودة إلى سباتهم الوثير. بيانات تُصدر، وتحذيرات تتوالى، وخطابات تزدحم بالعبارات الإنسانية، لكنها لا تغيّر واقعًا ولا تردع قوةً متغطرسة. هكذا تحولت المنظمة التي وُلدت لتكون ضمير العالم إلى مجرد "مذكِّر رمزي" بوجود الظلم، لا أداة لإزالته. مجلس الأمن.. حيث ينام الكبار مطمئ…

الليبرالية تتجسد في غزة.. حين تُختبر الشعارات بالدم

منذ نشأتها في أوروبا عصر التنوير، عرّفت الليبرالية نفسها كحركة فكرية وسياسية تقوم على تحرير الإنسان من كل أشكال القهر، وضمان حقه في الحرية الفردية، والمساواة أمام القانون، وحرية التعبير، والحق في تقرير المصير. هي الفلسفة التي قدّمت نفسها للعالم باعتبارها الضمانة الكبرى لكرامة الإنسان وحصنه الأخير في مواجهة الاستبداد. مبادئ الليبرالية المعلنة جوهر الليبرالية يقوم على ثلاثة أعمدة كبرى: حرية الفرد : لا يجوز للدولة أو السلطة قمع ضمير الإنسان أو …

إبادة الهنود الحمر وإبادة فلسطين: نفس الكلمة، نفس الجريمة، وصمت دولي مريب

عندما يُذكر مصطلح "إبادة الهنود الحمر"، يتبادر إلى الأذهان مشهد دموي لا يُمحى من ذاكرة التاريخ، حيث تم تنفيذ سياسة منهجية للقتل الجماعي، والتهجير القسري، والتدمير المتعمد لهوية شعب أصلي وأرضه. هذه الإبادة ليست مجرد فصل أسود من التاريخ، بل معيار إنساني عالمي لجريمة ضد الإنسانية، ذات أبعاد فظيعة لا تزال حية في الوعي الجمعي. واليوم، بينما نشاهد المشهد المأساوي في فلسطين، لا يسعنا إلا أن نرسم خيطًا متصلاً بين تلك الإبادة التاريخية والواقع…

المفارقة الآسيوية: اقتصاد يزدهر وشعوب تزداد فقرًا.. من يخطف التنمية في آسيا؟

في الوقت الذي تملأ فيه العناوين الصحفية تقارير عن "الصعود الآسيوي" و"القرن الآسيوي"، وتتنافس الحكومات على إظهار مؤشرات النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي، يقبع ملايين من أبناء تلك الدول في فقرٍ مدقع، يعملون في ظروف قاسية، ويعيشون حياةً تخلو من أبسط مقومات الكرامة الإنسانية. فكيف يمكن لاقتصاداتٍ أن "تنتعش" بينما شعوبها تغرق في الفاقة؟ هل نحن أمام وهمٍ اقتصادي مخادع، أم أن ما يجري هو نجاح حقيقي لكنّه محصور في طبقات …

الحال الذي يُصعّب على الكافر: غزة في مرآة الضمير الإنساني

كانت عبارة "حاله يُصعُب على الكافر" تُقال للتعبير عن بلوغ الحزن مداه، والمأساة منتهاها. لكن هذه المقولة لم تعد مجازًا بل تحوّلت إلى حقيقة دامغة، بعدما تحوّلت غزة إلى جرح مفتوح في ضمير البشرية. لقد أصبح الوضع هناك من القسوة بحيث لم يعُد يُحتمل حتى من قِبل شعوبٍ لا علاقة لها بالإسلام ولا بفلسطين، ولا تُشارك الفلسطينيين لا دينًا ولا هوية، لكنها تشترك معهم في الفطرة الإنسانية. في غزة، لم يعد القصف وحده هو القاتل، بل الجوع، والبرد، والعطش…

مراكز الإغاثة في غزة: حين تتحوّل المساعدات إلى فخّ للقتل الجماعي

في واحدة من أكثر فصول الحرب على غزة دمويةً ووقاحةً، نشرت صحيفة هآرتس الصهيونية تقريرًا صادمًا تضمّن شهادات لضباط وجنود في جيش الاحتلال، يؤكدون فيها أنهم تلقّوا تعليمات مباشرة بإطلاق النار على الفلسطينيين المتجمهرين قرب مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة. هذه الشهادات، التي صدرت عن داخل المؤسسة العسكرية الصهيونية ذاتها، ليست فقط اعترافًا بجريمة حرب واضحة المعالم، بل تكشف عن طبيعة المشروع الصهيوني القائم على القتل الممنهج للفلسطينيين حتى…

تحميل المزيد
لم يتم العثور على أي نتائج