فروق: نهاية السردية: كيف فَقَد الغربُ احتكاره للأخلاق في زمن الصورة؟

Tuesday, May 13, 2025

نهاية السردية: كيف فَقَد الغربُ احتكاره للأخلاق في زمن الصورة؟

في العالم القديم للإعلام، كانت الكاميرا الغربية تسبق الحقيقة، والسردية تُبنى في غرف الأخبار لا في ميادين الواقع. كان بإمكان الدول الغربية أن تُعرّف الخير والشر، وتعيد رسم حدود الإنسانية وفق مصالحها. لكن شيئًا تغيّر. لم تعد الصورة حكرًا على المحطات الكبرى، ولم يعد الصوت يُنقل عبر وسيط واحد. نحن نعيش اليوم زمن الصورة المباشرة، زمن العيون المفتوحة في كل زاوية، والعدسات التي لا تعرف المجاملة. ومع هذا التحوّل، بدأ الغرب يخسر سلاحه الأخطر: احتكار السردية الأخلاقية.


من الهيمنة الإعلامية إلى الهشاشة السردية

خلال العقود الماضية، كان الإعلام الغربي هو المرجع، ليس فقط في نقل الخبر، بل في تأطير معناه. لم تكن الحروب مجرد صراعات، بل روايات تُسرد من منظور واحد. "تدخل إنساني"، "ضربات جراحية"، "تحرير الشعوب"… كلها مصطلحات مهدت لشرعنة التدخلات، وأعفت الفاعل من الحساب. لكن مع تصاعد وسائل الإعلام البديلة، وانتشار التوثيق الشعبي، تفككت هذه الهالة. لم تعد الرواية الرسمية مقنعة، ولم يعد بالإمكان كتم الصوت الآخر.


سلاح الصورة… لا يمكن منعه

أمام مشهد لطفل تحت الركام، أو مسنّ يُقتل في بث مباشر، تنهار البلاغة، وتسقط المبررات. الصورة لا تحتاج ترجمة. ومنذ أن أصبحت الأدوات الرقمية في يد الجميع، انكشفت الفجوة بين الخطاب والممارسة. ما كان يُقدّم سابقًا كـ"حرب ضد الإرهاب" بات اليوم يُرى كعدوان على الأبرياء. الفارق؟ الكاميرا لم تعد في يد واحدة.


من غزة إلى أوكرانيا… ازدواجية الأخلاق في العراء

ما كشفت عنه الحروب الحديثة هو أن المواقف الغربية ليست أخلاقية بقدر ما هي انتقائية. في أوكرانيا، كانت الكلمات تتدفق عن الحرية والكرامة، وفي غزة كانت تتلعثم أمام الدماء. هذه الازدواجية أصبحت مكشوفة أمام جمهور عالمي لم يعد يثق بالتفسيرات الجاهزة. الغرب لم يخسر فقط صورته، بل خسر صدقيته الأخلاقية أمام الشعوب.


نهاية مريحة للهيمنة؟

قد لا تكون هذه نهاية للهيمنة الغربية بالمطلق، لكن بالتأكيد هي نهاية الراحة في الهيمنة. لم يعد بالإمكان التحكم بالسرد دون مقاومة. لم يعد كافياً أن تقول "هذا إرهابي" لتُسكت شعبًا، ولا أن ترفع شعار "حقوق الإنسان" لتغطي على قصف المدنيين. في زمن الصورة، أصبح لكل ضحية صوت، ولكل جريمة شهود.


. . . في العمق يتجلى الفرق . . .