فروق: لماذا يحارب البشر رغم أن خيرات الأرض تكفي الجميع؟

Thursday, May 15, 2025

لماذا يحارب البشر رغم أن خيرات الأرض تكفي الجميع؟

منذ بداية التاريخ، والحروب تُشعل الأرض وتُريق الدماء، حتى لتبدو وكأنها قدر لا فكاك منه في مسيرة الإنسان. لكن إذا تأملنا حجم الخيرات التي تحتويها الأرض، نجد أنها – لو وُزِّعت بعدل – تكفي كل البشر، وتزيد. فلماذا إذًا يصر الإنسان على الحرب؟ ولماذا لم ينعم العالم يومًا بسلام دائم؟

الإجابة لا تكمن في فقر الأرض، بل في تعقيد النفس البشرية وتشابك مصالح المجتمعات.


1. الطمع وحب السيطرة

في جوهر كثير من الحروب يكمن الطمع. فبعض الدول أو القادة لا يرضون بما لديهم، بل يسعون للهيمنة والتوسع، حتى وإن كانت مواردهم كافية. وعندما يصبح هذا الطموح مشروعًا سياسيًا أو قوميًا، يتحول إلى حرب.


2. الخوف وانعدام الثقة

حتى لو لم تكن هناك نية للهجوم، فإن الخوف من الآخر يكفي لإشعال النزاعات. الدول تخشى على أمنها، فتتسلّح، مما يثير قلق الجيران ويبدأ سباق التسلح. هذا الجو المشحون لا يحتاج إلا لشرارة ليبدأ الصراع.


3. الدين والهوية والأيديولوجيا

الحروب لا تُخاض فقط لأجل الأرض أو المال، بل كثيرًا ما تكون من أجل أفكار ومعتقدات. البشر مستعدون للقتال — بل والتضحية — من أجل ما يعتبرونه مقدسًا أو "حقًا تاريخيًا"، سواء كان دينًا، قومية، أو أيديولوجية سياسية.


4. عدم العدالة في توزيع الموارد

رغم وفرة خيرات الأرض، فإنها موزعة بشكل غير عادل. بعض الشعوب تملك أنهارًا، ومناخًا خصبًا، وموارد طبيعية، بينما يعاني غيرها من شح شديد. هذا التفاوت يولّد شعورًا بالظلم، ويؤدي أحيانًا إلى حروب من أجل إعادة التوازن أو السيطرة على موارد الغير.


5. استغلال النخبة للحروب

الأنظمة السياسية أو الاقتصادية قد تشعل الحروب لتثبيت نفوذها، أو لتصدير أزماتها الداخلية. فتُستخدم الوطنية كغطاء، بينما تكون الأهداف الحقيقية أكثر أنانية ومادية، كبيع الأسلحة أو السيطرة على الأسواق.


6. الطبيعة البشرية المعقدة

الإنسان ليس كائنًا عقلانيًا بالكامل. تحركه الغرائز، والمخاوف، والأنانية، والحاجة للشعور بالتفوق أو الانتقام. هذه الدوافع النفسية، وإن بدت خفية، تقف وراء الكثير من قرارات الحرب والسلام.


خلاصة

الحروب ليست نتيجة فقر، بل نتيجة فقر في العدالة والوعي. فالأرض تكفي الجميع، لكن الجشع والخوف والانقسام هو ما يجعلها ساحة صراع بدلًا من أن تكون بيتًا مشتركًا. ولن يعرف البشر السلام الحقيقي إلا حينما تُبنى النُظم على التعاون بدل الهيمنة، وعلى الثقة بدل الريبة، وعلى العدالة لا القوة.


. . . في العمق يتجلى الفرق . . .