من يملك الرواية؟
الصراع على المعنى في زمن الإعلام
في زمن الفيض الهائل للمعلومات، لم يعد السؤال: ما الذي حدث؟
بل: من يرويه؟ كيف؟ ولمصلحة من؟
لقد أصبحت الرواية أداة سيطرة، ومن يملك قدرتها، يملك الوعي الجمعي ذاته.
الرواية أقوى من الحقيقة
الناس لا يتصرفون بناء على "ما جرى فعلًا"، بل على ما فهموه مما جرى.
وهذا الفهم لا يُبنى تلقائيًا، بل يُصاغ ويُسوّق ويُغذّى عبر الإعلام.
كل معركة في العصر الحديث ليست فقط عسكرية أو سياسية… بل سردية أولًا.
وسائل الإعلام: مصانع للمعنى
الإعلام لا يكتفي بنقل الحدث، بل:
- يختار اللغة التي تصفه
- ينتقي الشخصيات التي تمثله
- يحدد من هو البطل، من هو الضحية، ومن هو العدو
وهكذا، يُعاد تشكيل الحدث في هيئة قصة قابلة للتعاطف… أو للنفور.
السيطرة على الذاكرة الجمعية
من يتحكم بالرواية يزرع في الذاكرة الجمعية صورًا يصعب زحزحتها:
- دولة ما تُقدَّم كحامية للحرية رغم جرائمها
- مقاومة تُصوَّر كفوضى رغم عدالة قضيتها
- حركات التمرد تُختزل في وجوه غاضبة بدل أن تُفهم من جذورها
إنه اختطاف للمعنى أكثر منه منافسة على سرد الوقائع.
الرواية البديلة: مهمة المثقف
في مواجهة الرواية المهيمنة، لا يكفي النقد.
بل لا بد من:
- بناء سردية موازية
- كشف التقنيات التي تُستخدم للهيمنة
- تحرير اللغة من استلابها الرمزي
المثقف هنا ليس مجرد معلق… بل فاعل في معركة تفسير العالم.
هل من سبيل إلى الحقيقة؟
ربما لا توجد "حقيقة خالصة"،
لكنّ هناك فرقًا بين من يُحاول الاقتراب منها بصدق،
ومن يصنع واقعًا وهميًا يخدم مصالحه.
المعركة الكبرى ليست على المعلومة… بل على المعنى الذي تُحمله المعلومة.