الدين في خدمة السلطة: ترويض المقدس وتبرير القمع

منذ فجر التاريخ، استُخدم الدين كقوة معنوية جبارة تحرك الشعوب وتلهمها، لكنه كان أيضًا عرضة للاستغلال من قبل السلطات السياسية التي أدركت مبكرًا أن السيطرة على "المقدس" تعني السيطرة على العقول والقلوب معًا. فكيف استُخدم الدين لتبرير القمع، وتثبيت الاستبداد، وتزييف وعي الجماهير؟

السرد الرسمي: الدين كعنصر وحدة واستقرار

تروّج الأنظمة السياسية لفكرة أن الدين هو الضامن الأول لوحدة المجتمع واستقراره، وغالبًا ما تربط بين الإيمان والطاعة، وبين الحفاظ على النظام والامتثال للسلطة. لكن هذه الرؤية تُخفي تاريخًا طويلًا من ترويض النصوص، وتحويل الرموز الدينية إلى أدوات طيّعة في يد الحاكم.

فقه الطاعة والتقديس السياسي

نشأت عبر القرون مدارس فقهية وخطابات دينية تشرعن الخضوع وتُحرّم الخروج على الحاكم "ولو ظلم"، وتؤسس لطاعة عمياء باسم الاستقرار الديني والاجتماعي، مع تجاهل تام لمقاصد العدل والكرامة التي هي جوهر الرسالات.

تحالف المؤسسة الدينية والسلطة

في محطات عديدة، تحالفت المؤسسات الدينية الرسمية مع الأنظمة السياسية لتثبيت الحكم، وتكفير المعارضين، وتخدير الشعوب بخطاب يساوي بين "الفتنة" و"المطالبة بالحقوق"، وبين "الدين" و"الدولة القائمة"، ما ألغى كل مساحة للمساءلة.

قراءة بديلة: الدين كأداة تحرر لا قمع

الدين، في جوهره، دعوة إلى العدالة ومقاومة الظلم. والعودة إلى نصوصه الأصلية تكشف كيف تم تحريفه لتبرير الاستبداد. تحرير المقدس من قبضة السلطة السياسية هو شرط لتحرير الشعوب من الوصاية والتضليل.

خاتمة

حين يُختطف الدين لصالح السلطة، تتحول القداسة إلى سلاح يُرفع في وجه الحرية. ومهمة استعادة الدين من براثن التوظيف السياسي هي مسؤولية فكرية وتاريخية لا يمكن تأجيلها.

سلسلة: إعادة قراءة التاريخ: ما لم تقله الكتب

✎[ تعديل]
أحدث أقدم