المقاومة الشعبية التي غابت عن السرد الرسمي: من القرى المنسية إلى مدن الانتفاض

عندما يُروى التاريخ، غالبًا ما يُسلّط الضوء على الزعماء والجيوش الرسمية، بينما تُهمّش حركات المقاومة الشعبية التي انطلقت من الأحياء الفقيرة، أو الجبال المعزولة، أو الأزقة المنسية. إنها مقاومة لم تكن تملك إعلامًا أو تمثيلًا سياسيًا، لكنها صنعت في الظل ما عجزت عنه الجيوش: الرفض، الصمود، والإصرار.

التهميش المتعمد للمقاومة الشعبية

لأنها غير منضبطة، غير قابلة للسيطرة، ولا تخضع للتراتبية الرسمية، غالبًا ما تعاملت الأنظمة مع المقاومة الشعبية إما بالتجاهل أو التشويه، ووصمتها بالعشوائية أو "التهور"، بينما احتكرت هي رواية البطولة.

لماذا تُخفى هذه النماذج؟

تُمثل المقاومة الشعبية تهديدًا للسردية الرسمية التي تريد أن تحتكر النصر والتاريخ معًا. كما أنها تكشف هشاشة المؤسسات القائمة التي لم تكن في الصفوف الأولى للمعركة. لذلك، يُمحى أبطالها، وتُنسى تضحياتها، وتُختزل القصص في اسم حاكم أو توقيع معاهدة.

وجوه مجهولة وتضحيات خالدة

في كل انتفاضة، هناك أطفال حملوا الحجارة، نساء خبأن المطاردين، عمال أضربوا رغم الجوع، مزارعون آووا الثوار... لم تذكرهم نشرات الأخبار، لكنهم صنعوا لحظة التحرر الحقيقي. هؤلاء هم الذاكرة التي حاولت السلطة أن تمحوها، لكنها بقيت حيّة في وجدان الشعوب.

قراءة بديلة: من تحت إلى فوق

إعادة كتابة التاريخ من منظور القاعدة الشعبية، لا من نخب القصور، هو أعدل وأنضج. لأن الشعوب لا تُحررها توقيعات، بل تضحيات، ولا تبني كرامتها على احتفالات رسمية، بل على دماء الصامتين.

خاتمة

عندما نعيد الاعتبار للمقاومة الشعبية، لا نُنصف التاريخ فقط، بل نُعيد الثقة للمجتمعات التي قيل لها إن دورها كان ثانويًا. بينما الحقيقة أن الشعوب هي صانعة المعنى، وإن كرهت السلطة.

سلسلة: إعادة قراءة التاريخ: ما لم تقله الكتب

أحدث أقدم