قراءة جديدة لشخصيات ورموز تاريخية: ما بين الأسطرة والتشويه

تُقدَّم لنا الشخصيات التاريخية إما في صورة قديسين لا يخطئون، أو خونة لا يستحقون الذكر، بحسب ما يخدم رواية السلطة والهيمنة الثقافية. لكن الحقيقة غالبًا ما تكون أكثر تعقيدًا من هذه الثنائيات. فهل حان الوقت لنقرأ التاريخ بعيون نقدية لا تقديس فيها ولا شيطنة؟

صناعة الرموز وتجميل التاريخ

غالبًا ما تُبنى صورة القائد أو الزعيم في المخيلة العامة عبر كتب مدرسية ونصب تذكارية وخطاب إعلامي يبالغ في البطولة ويُخفي التناقضات. هذه "الأسطرة" تمسخ الإنسان وتحوله إلى تمثال فارغ، وتُقصي كل صوت نقدي يحاول تقديم رؤية أكثر واقعية.

التشويه الانتقائي

في المقابل، يتم شيطنة بعض الشخصيات التاريخية بشكل ممنهج، ليس بسبب ما فعلوه فعلاً، بل بسبب مواقفهم التي لا تنسجم مع الخط الرسمي أو السائد. فيُطوى أثرهم، وتُطمس إنجازاتهم، وتُنسى أفكارهم، ولو كانت في وقتها أكثر تقدمًا مما نحتفي به اليوم.

بين الأسطورة والإنصاف

التاريخ لا يحتاج إلى تماثيل، بل إلى عدالة سردية. فالشخصيات التاريخية مثل المجتمعات التي أنجبتها: معقدة، مليئة بالتحولات، والانكسارات، والنجاحات. وتقييمها لا يجب أن يتم بمعيار السلطة، بل بمعيار الوعي، والسياق، والتأثير.

قراءة بديلة: تفكيك الصور الثابتة

قراءة جديدة للشخصيات التاريخية تعني استعادة أصواتهم الأصلية، والتمييز بين ما قالوه فعلًا، وما نُسب إليهم، وما صمت عنه التاريخ عمدًا. إنها دعوة إلى إعادة إنصاف من خُلد ظلمًا، أو نُسي ظلمًا.

خاتمة

حين نُحرر الشخصيات من عبء الأسطرة أو التشويه، نُعيد للناس حقهم في الفهم، لا التلقي الأعمى. والتاريخ لا يُروى ليُمجد، بل ليُنير طريقًا أكثر صدقًا وإنسانية.

سلسلة: إعادة قراءة التاريخ: ما لم تقله الكتب

أحدث أقدم