
في صباح 11 سبتمبر 2001، تحوّلت الطائرات المدنية إلى قنابل طائرة، واصطدمت ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، ثم بمقر البنتاغون. وخلال ساعات، لم تعد أمريكا كما كانت، ولم يعد العالم كما عرف نفسه. انفجرت رمزية البرجين – أحدهما رمز الاقتصاد، والآخر رمز العسكرة – وسقطا في مشهد سينمائي بدا وكأنه مقدمة لفيلم طويل، ما زلنا نعيش فصوله حتى اليوم.
أولًا: الحدث – ماذا جرى في 11 سبتمبر؟
في ذلك اليوم، تم تنفيذ أربع هجمات منسقة:
- ضرب برجي مركز التجارة العالمي بطائرتين.
- ضُرب مبنى البنتاغون بطائرة ثالثة.
- وسقطت طائرة رابعة في بنسلفانيا، قيل إن الركاب أسقطوها بعد مواجهة الخاطفين.
كانت الضربة الرمزية موجعة أكثر من الخسائر البشرية. لقد اخترق العدو – الذي كان يُصوَّر دائمًا على أنه "بدائي" – أعقد منظومة أمنية في العالم.
ثانيًا: التفسير – من يقف خلف الهجوم؟ ولماذا؟
أُعلن أن تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن هو المسؤول. وبرّرت واشنطن ذلك بأنه ردّ على "كراهية الإرهابيين لطريقتنا في الحياة"، لكن التحليل الأعمق يتجاوز هذا التبسيط:
- ردّ فعل على السياسات الأمريكية في العالم الإسلامي: من دعم أنظمة القمع، إلى حصار العراق، إلى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
- تحوّل التنظيمات المسلحة من ساحات القتال إلى رمزية المواجهة: لقد كان الهجوم رسالة لا مجرد تفجير.
- اختراق المركز لا الهامش: لم تضرب القاعدة موقعًا عسكريًا في اليمن، بل قلب النظام العالمي في نيويورك.
ثالثًا: النتائج – كيف تغيّر العالم بعد 11 سبتمبر؟
- أمريكا تعلن الحرب على "الإرهاب": مفهوم فضفاض يسمح بتبرير أي غزو، دون الحاجة لتعريف محدد للعدو.
- غزو أفغانستان (2001) ثم العراق (2003): بحجة القضاء على الإرهاب، دُمّرت دول وشُرّدت شعوب.
- شرعنة المراقبة والتجسس: قُيّدت الحريات باسم الأمن. صار المواطن الأمريكي والعربي تحت الرقابة الدائمة.
- خطاب الكراهية ضد المسلمين: توسّعت دائرة "الإرهاب" لتشمل كل من يشبه الجاني في ملامحه أو دينه.
- صعود الحركات المتطرفة المضادة: الهجوم فتح المجال لصعود أنظمة قمعية تحت شعار محاربة التطرف.
رابعًا: التحوّل الرمزي – ماذا يعني سقوط البرجين؟
كان الهجوم أكبر من مجرد ضربة عسكرية. لقد:
- فجّر الهالة الغربية عن الحصانة: لم تعد أمريكا قلعة منيعة.
- أعاد تشكيل وعي الشعوب: صار المسلم متهمًا حتى يثبت العكس، والعالم الإسلامي ساحة حرب مفتوحة.
- جعل الإرهاب أداة حكم: تارة لملاحقة الخصوم، وتارة لتبرير قوانين استثنائية لا تخضع للمساءلة.
خامسًا: من الرابح؟ من الخاسر؟
- الرابح الأكبر: شركات السلاح، الاستخبارات، والأنظمة الأمنية، التي تضاعفت ميزانياتها، وتوسّعت سلطاتها.
- الخاسر الأكبر: شعوب العالم الإسلامي، التي باتت تعيش في دوائر الشك والمراقبة والحصار.
- الإعلام العالمي لعب دور المخرج، فحوّل الحدث إلى سردية جاهزة: "العالم الحرّ ضد الإرهاب الإسلامي".
سادسًا: الخاتمة – هل كان الزلزال طبيعيًا؟
سؤال لا يغيب: كيف لدولة تملك أعقد أجهزة الأمن أن تُخترق بهذه السهولة؟
هل كان الإخفاق حقيقيًا أم مقصودًا؟
وهل استُخدم الحدث لتفكيك خريطة العالم كما شُكلت بعد الحرب العالمية الثانية؟
أياً تكن الإجابة، فإن 11 سبتمبر لم يكن نهاية مرحلة، بل بداية حقبة جديدة:
حقبة السيطرة باسم الأمن، وتبرير الهيمنة باسم محاربة الخوف.