
مصر تحت الحكم الإسلامي: من الفتح إلى نهاية الملكية
أولًا: الفتح الإسلامي (640م / 20هـ)
دخل الإسلام مصر على يد القائد عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، بعد معارك حاسمة ضد الرومان، أهمها معركة عين شمس (هليوبوليس). فتح المسلمون الإسكندرية سنة 641م، وأسس عمرو مدينة الفسطاط كأول عاصمة إسلامية في مصر.
اندمج المصريون تدريجيًا في الدولة الإسلامية، وظلت مصر ولاية تتبع الخلفاء الراشدين، ثم الأمويين، ثم العباسيين، لكنها كانت دومًا ذات مكانة استراتيجية وثروة كبيرة، ما جعلها مطمعًا للمتنازعين على الخلافة.
ثانيًا: الحكم الطولوني والإخشيدي (868–969م)
مع ضعف الدولة العباسية، ظهرت أسر حاكمة مستقلة في مصر:
- أحمد بن طولون أسس دولة شبه مستقلة (الدولة الطولونية)، واهتم بالعمران والجيش.
- ثم جاءت الدولة الإخشيدية بقيادة محمد بن طغج الإخشيد، لكنها كانت أقل قوة، حتى دخل الفاطميون.
ثالثًا: الدولة الفاطمية (969–1171م)
- دخل الفاطميون، وهم إسماعيليون شيعة، مصر بقيادة جوهر الصقلي، وأسسوا مدينة القاهرة كعاصمة جديدة. أعلنوا الخلافة الفاطمية، وبنوا الجامع الأزهر مركزًا للدعوة الشيعية.
- بلغت الدولة أوج قوتها في عهد المعز لدين الله الفاطمي، لكنها دخلت في ضعف واضطراب داخلي لاحقًا، خصوصًا في عهد الحاكم بأمر الله، حتى انتهت على يد صلاح الدين الأيوبي.
رابعًا: الدولة الأيوبية (1171–1250م)
- ألغى صلاح الدين الأيوبي الخلافة الفاطمية سنة 1171م، وأعاد مصر للمذهب السنّي والخلافة العباسية. وحدّ الأيوبيون مصر وبلاد الشام، وقادوا مقاومة الصليبيين، وكان لهم أثر بالغ في الدفاع عن القدس.
- استمر الحكم الأيوبي حتى وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، حين ظهرت قوة المماليك.
خامسًا: دولة المماليك (1250–1517م)
ينقسم الحكم المملوكي إلى مرحلتين:
- المماليك البحرية (1250–1382م): وكان أبرزهم بيبرس الذي أعاد بناء الدولة، وصدّ المغول والصليبيين.
- المماليك البرجية (1382–1517م): وكان من أبرزهم الظاهر برقوق والسلطان قايتباي.
رغم قوتهم العسكرية، فإن المماليك دخلوا في صراعات داخلية، حتى جاءت نهاية دولتهم على يد العثمانيين.
سادسًا: مصر العثمانية (1517–1798م)
- دخل السلطان سليم الأول مصر سنة 1517م بعد هزيمة المماليك في معركة الريدانية، وأصبحت مصر ولاية عثمانية، يحكمها الوالي العثماني بالتناوب، مع بقاء بعض النفوذ للمماليك المحليين.
- تميزت هذه الفترة بالجمود الإداري، والانحدار الاقتصادي، وتغلغل الفساد، كما تراجعت مكانة مصر بسبب نقل مركز الخلافة إلى إسطنبول.
سابعًا: الحملة الفرنسية ومرحلة الاضطراب (1798–1805م)
- في عام 1798م، دخل نابليون بونابرت مصر، وأسقط الحكم العثماني مؤقتًا، لكن الحملة لم تدم أكثر من ثلاث سنوات. وبعدها، دخلت البلاد في فوضى سياسية بين الأتراك والمماليك والعثمانيين، حتى ظهر محمد علي.
ثامنًا: أسرة محمد علي (1805–1952م)
- تم تعيين محمد علي باشا واليًا على مصر سنة 1805م بعد ثورة شعبية بقيادة العلماء ضد الوالي العثماني. ومنذ ذلك الحين، حكمت مصر أسرة محمد علي في إطار تبعية شكلية للدولة العثمانية، لكنها كانت مستقلة فعليًا.
أهم مراحل الأسرة:
- محمد علي (1805–1848م): أسّس جيشًا قويًا، وبنى قاعدة صناعية، وخاض حروبًا في الشام والحجاز والسودان، وكاد يسقط الدولة العثمانية لولا تدخل أوروبا.
- الخديوي إسماعيل (1863–1879م): شهدت مصر في عهده ازدهارًا عمرانيًا وثقافيًا (إنشاء دار الأوبرا، قناة السويس)، لكنه أغرق البلاد في الديون، ففُرضت الوصاية الأوروبية.
- الاحتلال البريطاني (1882): دخل البريطانيون مصر بحجة حماية قناة السويس بعد الثورة العرابية، وظلوا يحتلونها حتى 1956، رغم بقائها رسميًا تحت الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى.
- إعلان السلطنة (1914): مع الحرب العالمية الأولى، أعلن البريطانيون إنهاء السيادة العثمانية، وأعلنوا السلطان حسين كامل حاكمًا لمصر، فدخلت مرحلة جديدة تحت اسم "السلطنة المصرية".
- التحول إلى مملكة (1922): بعد ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول، اعترفت بريطانيا بمصر كـ"دولة مستقلة" اسميًا، وأُعلن الملك فؤاد الأول ملكًا على مصر.
تاسعًا: نهاية الملكية (1952م)
- حكم الملك فاروق البلاد في ظل فساد واسع وتبعية سياسية لبريطانيا، مما فجّر ثورة الضباط الأحرار في 23 يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر ومحمد نجيب.
- تم إلغاء الملكية رسميًا في يونيو 1953، وإعلان الجمهورية المصرية، وبذلك انتهى عهد أسرة محمد علي، بعد أكثر من قرن ونصف من الحكم.
سيمات الحكم:
التسلسل الزمني:
1- عمرو بن العاص (الفتح الراشدي)
2- العصر الأموي والعباسي المبكر (ولاة تابعون للخلافة)
3- الدولة الطولونية
4- الدولة الإخشيدية
5- الدولة الفاطمية
6- الدولة الأيوبية
7- دولة المماليك
8- الحكم العثماني
9- أسرة محمد علي
خاتمة
شهدت مصر في ظل الحكم الإسلامي تحولات كبرى، من ولاية راشدة إلى مركز خلافي فاطمي، ثم قاعدة للمقاومة الأيوبية والمملوكية، فولاية عثمانية متعثرة، ثم نهضة شبه مستقلة مع محمد علي، وانتهت بملكية هشّة أسقطتها ثورة وطنية.
كانت مصر دائمًا في قلب الصراع الإسلامي والإقليمي، وموقعها الاستراتيجي وثروتها البشرية جعلاها مركزًا للصراع بين القوى الدولية، إلى أن بدأت مرحلة الجمهورية الحديثة.