الثورات العربية: (2012-2011) حين نهضت الشعوب وسُرقت الثورة

لم تكن ربيعًا... بل انفجارًا مؤجلًا، 
حمل بذور الأمل، وزرعت فيه أيادي خفية أشواكها مبكرًا.

في لحظة خاطفة من التاريخ، اشتعلت شرارة في جسد تونس فأضاءت المنطقة كلها. خرجت الجماهير، لا لأجل الخبز فقط، بل لأجل الكرامة. لم تكن مطالب سياسية مجردة، بل ثأرًا متراكمًا من عقود من الاستبداد، ونهب الثروات، وكبت الحريات. لكن كما في كل لحظة تاريخية فارقة، ما إن هتفت الشعوب "الشعب يريد"، حتى هتفت أجهزة أعمق: "من يملك القرار؟".


أولًا: الحدث – ماذا حدث في 2010–2011؟

  • تونس: البوعزيزي يشعل النار في جسده، فيشعلها في النظام. يسقط بن علي بعد 23 عامًا من الحكم.
  • مصر: ميدان التحرير يتحول إلى رمز عالمي للثورة. يسقط حسني مبارك، وتنفتح أبواب السياسة.
  • ليبيا، اليمن، سوريا: تهتف الشعوب ثم تُقصف المدن. يتحول الربيع إلى دم، والثورة إلى فوضى.
  • البحرين والمغرب والأردن والجزائر: احتجاجات محدودة تُحتوى بطرق مختلفة، تتراوح بين القمع والإصلاح المؤقت.


ثانيًا: الأسباب – لماذا ثارت الشعوب؟

  • الاستبداد السياسي: أنظمة جمهورية وملكية تتوارث الحكم وكأنه ميراث شخصي.
  • الظلم الاقتصادي: بطالة خانقة، وفساد مستشري، وانعدام فرص الحياة الكريمة.
  • الاحتقار الأمني للشعوب: البوليس السياسي كان فوق القانون، وفوق الدولة.
  • التحكم الخارجي: نظم وظيفية تُدير شعوبها لصالح مصالح أجنبية، لا وطنية.


ثالثًا: النتائج – ماذا كانت الحصيلة؟

  • سقوط أنظمة: بن علي، مبارك، القذافي، علي عبدالله صالح.
  • صعود الإسلاميين: في تونس ومصر خصوصًا، ثم انقلاب على هذا الصعود.
  • انفجار النزاعات: حروب أهلية في ليبيا وسوريا واليمن، وانقسام المجتمع.
  • تحولات إعلامية: نشوء وعي جديد عبر وسائل التواصل، ثم إعادة هندسة هذا الوعي عبر التضليل.
  • ردة استبدادية: أنظمة جديدة استدعت القمع باسم "الاستقرار"، وشيطنت الحريات باسم "محاربة الفوضى".


رابعًا: الرمزية – لماذا كانت الثورات مفصلية؟

  • كسرت حاجز الخوف: الشعوب عرفت أنها قادرة على قلب الأنظمة.
  • أعادت سؤال الشرعية: من يحق له أن يحكم؟ وعلى أي أساس؟
  • كشفت الهشاشة: أنظمة ضخمة انهارت في أيام، لم تكن إلا أوهامًا مدعومة خارجيًا.
  • فضحت التواطؤ الدولي: الغرب الذي طالما تحدّث عن الديمقراطية، تواطأ مع الثورات المضادة بصمت أو بدعم مباشر.


خامسًا: من كسب؟ من خسر؟

  • كسبت الشعوب لحظة وعي... لكنها خسرت ساحات المعركة السياسية لاحقًا.
  • خسرت الأنظمة شرعيتها أمام الشعوب، لكن بعضها استعاد السيطرة بالسلاح والتخويف.
  • كسبت القوى العالمية قدرة جديدة على التدخل، تحت شعار "محاربة الفوضى" أو "دعم التحول الديمقراطي".


سادسًا: سؤال الذاكرة – هل فشلت الثورات؟

الثورات لا تُقاس بسنوات. إنها صيرورة تاريخية. قد تُجهض مرحليًا، لكنها تغيّر الوعي الجمعي.

الثورات العربية لم تفشل بالكامل، بل دخلت مرحلة المخاض الطويل. إنها كشفت العورات، وفضحت التبعية، وأطلقت جيلاً جديدًا لا يقبل العودة إلى بيت الطاعة.

وربما السؤال الأصوب ليس: "لماذا فشلت؟"
بل: "من خاف من نجاحها؟"

أحدث أقدم
🏠