الوهابية: أسطورة الحروب الدينية.. حين يُرفع اسم الله في معارك المصالح

الوهابية والتحالف االديني السياسي: 
يُروَّج في الخطاب السياسي والتعليمي أن كثيرًا من الحروب الكبرى عبر التاريخ كانت "دينية". لكن تأملًا عميقًا يكشف أن الدين غالبًا لم يكن إلا ذريعة، والوقود الحقيقي كان المصالح، التوسع، الهيمنة، أو حتى تصفية الخصوم.


أولًا: الحروب الصليبية مثالًا لا تفسيرًا

يُقدَّم الغزو الصليبي للشرق الإسلامي كحرب مسيحية ضد الإسلام، لكن الحقيقة أن دوافعه كانت اقتصادية وسياسية بامتياز: رغبة أمراء أوروبا في الاستيلاء على طرق التجارة، وأراضٍ خصبة، ومجالات نفوذ جديدة. أما الشعارات الدينية، فكانت الأداة التعبوية لجمع الجنود وتبرير الدم.

ثانيًا: الداخل الأوروبي يحسم الأمر

لو كانت الحروب فعلًا "دينية" خالصة، لكانت أوروبا المسيحية موحدة. لكنها كانت غارقة في حروب لا تقل ضراوة، بين ملوك وإمارات تدين بنفس العقيدة. وقد قُتل في الحروب الداخلية الأوروبية بين الكاثوليك والبروتستانت أضعاف ما قُتل في صراعاتهم مع المسلمين.

ثالثًا: الإسلام كذريعة، لا كدافع

في حملات الغزو الاستعماري الحديث، استُخدم الإسلام كفزّاعة لتبرير الاحتلال، أو كغطاء لتقسيم المنطقة. فباسم "محاربة الجهاد"، تم غزو بلدان وتفكيك مجتمعات، وباسم "الاعتدال الديني"، فُرضت أنظمة تابعة تكرّس الهيمنة الغربية. بينما كانت الموارد والثروات هي الغنيمة الحقيقية.

رابعًا: من المستفيد من هذه الأسطورة؟

استمرار خطاب "الحروب الدينية" يفيد طرفين:

  • القوى الكبرى التي تبرر تدخلها بكونه دفاعًا عن الحرية من "التطرف"،
  • والأنظمة القمعية التي ترفع شعار مكافحة الإرهاب لإسكات معارضيها.
  • وهكذا، تُحوّل الدين من طاقة تحرر إلى تهمة جاهزة.

خامسًا: خطاب ديني... وسلوك مصلحي

لا يعني هذا أن كل من رفع شعار الدين كان كاذبًا، لكن من يحرك الجيوش لا يكون دومًا من المؤمنين، بل من الساسة والتجار. والدين حين يُستخدم في ساحة السياسة يصبح أداة بيد الأقوى، لا رسالة بيد الأنقى.

خاتمة: من يقاتل باسم الله؟ ومن يقتل باسمه؟

حين نسمع عن "حرب دينية"، لنسأل دومًا: من يمولها؟ من يستفيد منها؟ من يُشعلها ومن يُطفئها؟ الدين في ذاته لم يكن أبدًا مشكلة، بل تم توظيفه مرارًا كواجهة أنيقة لمشاريع قذرة. وهكذا، يُسال الدم تحت رايات طاهرة، تُرفع زورًا على مذابح الطمع.


أحدث أقدم
🏠