
حين يُصبح الفكر خطرًا على النظام
سيد لم يحمل سلاحًا،
بل حمل فكرة مفجِّرة:
أن لا سلطان فوق سلطان الله.
قالها في زمن كانت فيه الجمهورية تُؤلّه،
وكانت الأحزاب تُسبّح باسم "الزعيم"،
فقال: لا طاعة في معصية… حتى وإن صيغت بلغة الأمة.
كتبه لم تكن مجرد تنظيرات،
بل صرخات فكرية في وجه نظام أراد ترويض الإسلام على مقاس الأمن.
من "العدالة الاجتماعية" إلى "معالم في الطريق"
في البداية، كتب عن "العدالة الاجتماعية في الإسلام"،
ينادي بنظامٍ رحيم وعادل…
لكنه مع الزمن أدرك أن الظلم ليس انحرافًا عن الإسلام، بل نظام قائم بذاته.
فتحول فكره من الإصلاح إلى الجذور،
ومن التجميل إلى الهدم وإعادة البناء.
وفي "معالم في الطريق"،
لم يكتب دستور تنظيم،
بل صرخة من رجل رأى الناس يعبدون الدولة دون أن يشعروا.
لماذا أرعبهم سيد قطب؟
لأنه لم يكن "خصمًا سياسيًا"،
بل نزع الشرعية الأخلاقية عن الاستبداد من جذوره.
قال إن الجاهلية قد تعود بثياب عصرية،
وإن الكفر ليس فقط في العقائد، بل في الأنظمة والمناهج والقوانين.
ولهذا، لم يتركوه يُكمل مشروعه.
سجنوه، عذبوه، ثم شنقوه.
لكنهم فشلوا،
لأن ما كتب في الزنزانة صار يُقرأ في العالم الإسلامي كلّه.
سيد قطب… الحبر الذي لم يجف
كثيرون اختلفوا معه،
بعضهم حمّله أوزارًا لم يقصدها،
وبعضهم استخدم كلماته خارج سياقها ليبرر العنف.
لكن مهما يكن،
فالرجل كان صادقًا مع نفسه… ومات على فكرته.
وفي زمن تتبدل فيه المبادئ بحسب المزاج الإعلامي،
يبقى سيد قطب نموذجًا نادرًا للإنسان الذي لم يساوم، ولم يبدّل، ولم يعتذر عن صدقه.
وصف الصورة المقترحة:
رسم رمزي لزنزانة مظلمة يجلس فيها سيد قطب يكتب على ورقة مضاءة، بينما خلف القضبان يظهر وجه طاغية ضبابي، وتنساب من الورقة أنوار تشقّ الظلام، كأن الكلمة تهزم القضبان.