مراد هوفمان: حين اكتشف عقل أوروبي أن الإسلام هو البديل

في قلب الحضارة الغربية، وبين دهاليز الدبلوماسية والسياسة، وجد مراد هوفمان في الإسلام جوابًا لأسئلة الإنسان الحديث. لم يكن دخوله في الإسلام مجرد تجربة روحية، بل تحوّلًا فكريًا عميقًا صاغه بعقل فيلسوف وقلم مفكر مطّلع على تناقضات الحضارة الغربية من داخلها. كدبلوماسي ألماني وسفير سابق، لم يتنصّل من خلفيته، بل استخدمها لعرض الإسلام بلغة يفهمها الغرب، دون أن يُفرّط بجوهره. في كتبه، مثل الإسلام كبديل، طرح الإسلام لا كعقيدة شخصية فقط، بل كنموذج حضاري قادر على علاج أمراض العصر. لقد كان هوفمان شاهدًا على تقاطع حضارتين، ودليلاً على أن الهداية لا تعرف جغرافيا.


لم يكن شيخًا من بلاد العرب،
ولا تربّى في المساجد ولا قرأ ابن تيمية في صغره.
بل كان دبلوماسيًا ألمانيًا، درس القانون في هارفارد،
وشاهد الغرب من الداخل…
ثم خرج يقول: هذا العالم ينهار… والإسلام هو البديل.


من بوسنة الحرب… إلى قلب الحقيقة

في السبعينات، أُرسل مراد هوفمان إلى الجزائر،
ثم لاحقًا إلى البوسنة، فشاهد كيف يُذبح المسلمون لا لشيء،
إلا لأنهم لا يشبهون المشروع الغربي.

لكنه رأى ما هو أعمق:

  • كيف بقي المسلمون متماسكين رغم القصف
  • كيف لا يزال القرآن يمنحهم طمأنينة وسط الجحيم
  • كيف أن للإسلام "منطقًا" أخلاقيًا متكاملًا،

أشد رسوخًا من كل ما تعلمه في الفلسفة الغربية.

اعتنق الإسلام… ولم يُسلِم فقط

هوفمان لم "يُسلِم" كغيره ثم يصمت،
بل بدأ يُفكك الحداثة من داخلها،
ويشرح لماذا الإسلام ليس فقط "دينًا روحيًا"، بل نظامًا معرفيًا وأخلاقيًا متكاملًا.

كتب كتابه الشهير: "الإسلام كبديل"
وكان يقصد: بديل عن:

  • العدمية الغربية، التي تفصل الإنسان عن الغاية
  • الرأسمالية المتوحشة، التي تحوّل الإنسان إلى رقم
  • التحلل الأخلاقي، الذي يدمّر الأسرة والمجتمع

لماذا كان خطيرًا؟

لأنه لم يكن عربيًا،
ولا تابعًا لدولة إسلامية،
بل كان صوتًا من داخل الحضارة الغربية،
يقول بوضوح: "لقد انتهينا، أنقذوا أنفسكم بالإسلام."

وكان خطيرًا لأنه لم يكن انفعاليًا…
بل عقلًا ألمانيًا دقيقًا، يُحلل ويستنتج ويقدّم الحجج.


ماذا قال هوفمان عن الإسلام؟

قال إن الإسلام دين:

  • لا يفصل بين الروح والعقل
  • لا يقطع الأخلاق عن السياسة
  • لا يعزل الفرد عن المجتمع
  • ولا يرى الإنسان كائنًا تافهًا بلا غاية

وقال: "الإسلام هو الدين الوحيد الذي يملك بنية عقلانية صامدة أمام اختبار الزمن."


شهادة من داخل التجربة

هوفمان لا يتحدث كداعية…
بل كمن جرّب حياة الحداثة الغربية:
أخذ أعلى ما فيها… ثم اكتشف أنها لا تجيب على أسئلته الوجودية،
ولا تُنتج إنسانًا سويًا.

لهذا عاد إلى الإسلام لا باعتباره تراثًا شرقيًا،
بل باعتباره أملًا عالميًا.


ما الذي نحتاجه من هوفمان اليوم؟

أن نفهم أن العالم لا يبحث عن "نجاحاتنا التقنية"،
بل عن نموذجنا الأخلاقي والروحي والفلسفي الذي ضيّعناه نحن،
بينما يكتشفه الآخرون ويكتبون عنه كتبًا!


وصف الصورة المقترحة:
رسم رمزي لمراد هوفمان واقفًا بين مكتبتين: واحدة غربية مملوءة بكتب الفلسفة الأوروبية، والأخرى قرآن وكتب إسلامية، وخلفه خريطة العالم تتشقق من المنتصف، بينما يحمل في يده كتابًا مكتوبًا عليه "الإسلام كبديل"، يسطع منه نور يربط بين القارتين.

أحدث أقدم
🏠