
لم يكن يحمل بندقية،
ولا قاد ثورة مسلحة…
لكنه كان أخطر على الاحتلال الفرنسي من كثيرٍ ممن حملوا السلاح.
لماذا؟
لأنه أعاد للجزائريين وعيهم بأنهم مسلمون عرب… لا فرنسيون مستعمَرون.
"شعب الجزائر مسلم…"
صرخة بحجم هوية
كانت فرنسا تقول:
"الجزائر جزء من الدولة الفرنسية الكبرى."
فخرج ابن باديس بقصيدته التي أصبحت شعار أمة:
"شعب الجزائر مسلمٌ
وإلى العروبة ينتسبُ…"
في وقتٍ كانت فيه الهوية الإسلامية والعربية تُدفن،
جعل من التعليم والتربية والقرآن معركة تحرير.
المعركة كانت في الفصل الدراسي
لم يؤسس جيشًا… بل أسّس مدرسة.
وجعل من كل طفل يتعلم: مشروع مقاومة.
أعاد تعليم العربية،
حارب الجهل والخرافة،
ونظّم التعليم الحر البديل عن تعليم فرنسا.
كيف تُقاوم إمبراطورية بلا طلقة واحدة؟
كان يدرك أن الهوية حين تنهار… لا ينفع معها السلاح.
فركّز على ترسيخ:
- أن الإسلام ليس طقسًا، بل مشروع حياة
- أن اللغة ليست أداة تواصل، بل وعاء فكر وهوية
- أن الأمة لا تموت ما دامت تعرف من هي
وكل هذا… في مدارس بسيطة، ومساجد، ومجلات شعبية.
بن باديس ورفيقه الإبراهيمي:
ثنائية النهوض الهادئ
اجتمع مع البشير الإبراهيمي،
فشكّلا جبهة فكرية واجهت فرنسا بمداد العلماء لا دماء الجنرالات.
كانت فرنسا تخشى من ابن باديس لأنه:
- يُخرّج أجيالًا تعرف تاريخها
- يُحيي الدين بعد أن أرادته فرنسا خرافة
- يُعطي الناس سؤالًا خطيرًا: لماذا نحن مستعمَرون؟
رجل لا يُعوض
توفي قبل أن يرى استقلال الجزائر،
لكنّ الاستقلال جاء بثمرة تعليمه، لا بغيابه.
فهو الذي غرس في قلوب الأجيال رفض الذل،
وزرع فيهم أن الحرية تبدأ من العقل، لا من البندقية.
لماذا يجب أن نعود إلى ابن باديس اليوم؟
لأنه واجه أخطر استعمار:
الاستعمار الثقافي.
وفي زمن يتكرّر فيه التبعية،
وتُفرض علينا لغات وأفكار ونماذج أجنبية،
يعود ابن باديس ليقول لنا:
"لا حرية لمن لا يعرف نفسه،
ولا نهضة لمن يقلّد غيره."
وصف الصورة المقترحة:
مشهد رمزي لابن باديس واقفًا في فصل دراسي قديم، يشرح على سبورة كتب عليها "من نحن؟"، وخلفه أطفال يضيء وجوههم نور خافت، بينما خارج النافذة جنود فرنسيون يمرّون دون أن يدركوا أن داخل الغرفة تُصنع الثورة الحقيقية.