علي عزت بيغوفيتش: المثقف الذي قاتل.. بالكلمة ثم بالسلاح ثم بالمعنى

في قلب أوروبا، وعلى تخوم حضارتين متصارعتين، بزغ علي عزت بيغوفيتش مفكرًا ورئيسًا، جمع بين عمق الفيلسوف وصلابة المجاهد. لم يكن إسلامه طقوسًا، بل مشروعًا حضاريًا يواجه الحداثة المادية دون أن ينكفئ عنها، ويستنهض الأمة من داخل روحها لا من قشورها. كتب عن الإسلام كـ"حضارة متفرّدة" تمزج بين الروح والعقل، وواجه السجون والمحن بثبات من يرى في المعاناة طريقًا للمعنى. قاد البوسنة في أصعب مراحلها، لا بحثًا عن سلطة، بل دفاعًا عن الوجود والكرامة. ورحل وكتابه الإسلام بين الشرق والغرب شاهد على عبقرية رجل تجاوز الجغرافيا ليخاطب الإنسان في كل زمان.


لم يكن جنرالًا ولا شيخًا ولا خطيبًا.
كان رجل فكرٍ يكتب عن الحضارة والحرية،
ثم وجد نفسه يقود شعبًا أعزل… في وجه آلة الإبادة.
إنه علي عزت بيغوفيتش، الرئيس الفيلسوف،
الذي قاتل في ثلاث جبهات:

  • جبهة المعركة
  • جبهة الوعي
  • وجبهة الوجود نفسه

رجل كتب "الإسلام بين الشرق والغرب"

ثم عاشه بين القبر والمجد

في كتابه الشهير، شرح كيف أن الإسلام ليس مجرد عقيدة،
بل هو رؤية كونية، تمسك بيد الإنسان بين:

  • روحانية الشرق الجامحة
  • ومادية الغرب الباردة

كان يبحث عن "إنسانية متوازنة"،
ثم شاء القدر أن يختبر أفكاره في الميدان…
حين انهارت يوغسلافيا، وبدأت المجازر ضد مسلمي البوسنة.


قائد في زمن العتمة

اختير رئيسًا لا لدولته فقط…
بل للمعنى ذاته.
معنى أن تظل مسلمًا في أوروبا،
دون أن تتحول إلى تابع، أو تمسخ هويتك باسم الاندماج.


لماذا كان خطيرًا؟

لأنه لم يكن متطرّفًا،
ولا مهزومًا.
بل قدّم للعالم نموذجًا ثالثًا:
المسلم الحرّ، العاقل، المثقف، الذي يعرف من هو، دون أن يخجل من دينه.

ولهذا خافوه:

  • لأنه يربّي جيلاً لا يعاني من عقدة النقص
  • لأنه لم يقبل بالاستسلام السياسي
  • لأنه جعل من الكرامة شعارًا شخصيًا لا سياسيًا

من السجن إلى القصر

سُجن مرتين بسبب أفكاره،
وفي كلا المرتين لم يُساوم،
ولم يبدّل، ولم يتراجع عن قوله:

"الإسلام قضية أخلاقية قبل أن يكون قضية سياسية."

وحين خرج، لم ينتقم،
بل قاد بلاده نحو الاستقلال رغم فظاعة المجازر.


علي عزت الذي لا يُروى في الإعلام

هوفمان قال عنه: "كان ضمير البوسنة."
لكن الإعلام لم يحبه، لأنه لم يكن غربيًا ولا شرقيًا…
بل حرًّا.

رفض وصاية الغرب،
ورفض تحالفات الشرق،
وكان يرى في الإسلام طريقًا ثالثًا، لا استنساخًا لما هو موجود.


ماذا نحتاج منه اليوم؟

أن نفهم أن الفكر بدون موقف… ترف.
وأن السياسة بدون وعي… عبودية.
وأننا إذا أردنا أن ننهض،
فنحن بحاجة إلى من يشبه علي عزت:

  • يُفكّر بعمق
  • ويعيش بإخلاص
  • ويقاتل بكرامة


وصف الصورة المقترحة:
لوحة رمزية لعلي عزت بيغوفيتش واقفًا في منتصف طريق يتقاطع فيه الشرق والغرب، خلفه مشاهد حرب، وأمامه شمس تشرق فوق مسجد صغير، بينما يحمل في يده كتابًا كتب عليه "كرامة"، وعلى كتفه آثار تعب، لكن عينيه مليئتان بالإصرار.

أحدث أقدم
🏠