
المجموعة الثانية: الاستعمار، الحروب، والهيمنة المباشرة
المقال (8): الثورات الملونة: تحرير شعوب أم تفجير موجّه؟
المقدمة
في مشهد يتكرر عبر القارات، تخرج الجماهير إلى الشوارع مطالبة بالحرية، وتلوّح بالأعلام الملوّنة، وتدوي صرخات "الديمقراطية الآن". لكن خلف هذا المشهد الثوري الأخّاذ، كثيرًا ما تختبئ أيدٍ خفية تُدير اللعبة، وتُحدد الفائزين قبل أن يُفتح صندوق الاقتراع. فهل كانت تلك الثورات فعلًا شعبيّة خالصة؟ أم أنها أدوات تفكيك ممنهجة تستبطن مشاريع خارجية؟
المسلمة المزعومة
أن الثورات الملونة هي حركات شعبية عفوية تمثل تطلع الشعوب نحو الديمقراطية والتحرر من الاستبداد.
يجري الترويج لهذه الفكرة باعتبارها نموذجًا نقيًا لإرادة الشعوب، وسردية رومانسية للتغيير من الداخل.
الهدف منها
- شرعنة تدخل الغرب في إعادة تشكيل الأنظمة في مناطق نفوذه السابقة.
- هدم النُظم السياسية التي لا تخضع لمنظومة الليبرالية الغربية.
- احتواء حركات التغيير الحقيقية وتوجيهها نحو مصالح القوى الكبرى.
- تجميل عمليات التفكيك والتدمير الاجتماعي تحت عنوان "الحرية".
الأساليب المستخدمة
- دعم وتمويل منظمات محلية تحت شعار "الديمقراطية وحقوق الإنسان".
- تدريب نشطاء وشباب على تكتيكات التظاهر والإعلام والسيطرة على الخطاب.
- تضخيم الأحداث عبر الإعلام وتقديم مشاهد مختارة تُخدم السردية المرغوبة.
- إحداث فراغ سياسي تُملؤه لاحقًا نخب مرتبطة بالمصالح الغربية.
- إنشاء رموز جديدة للتغيير تكون مروّضة ومقبولة دوليًا.
النتائج الواقعية
- تحول كثير من تلك الدول إلى مناطق فوضى أو إلى أنظمة تابعة بالكامل.
- تدهور اقتصادي واجتماعي يفوق ما كان في عهد الأنظمة السابقة.
- إقصاء القوى الوطنية الحقيقية لحساب جماعات وظيفية بلا قاعدة شعبية.
- فقدان ثقة الشعوب بأي تغيير سياسي لاحق بسبب ما جرى.
- إعادة هندسة الهوية الوطنية والثقافية بما يتوافق مع "المركز" الخارجي.
في النتيجة، لا يمكن فهم "الثورات الملونة" خارج سياق الصراع الجيوسياسي، إذ لا يُمنح شعبٌ ديمقراطية حقيقية عبر أموال قادمة من الخارج.
الخاتمة
الثورات ليست دائمًا محرّكًا للتحرر، بل قد تكون قناعًا أنيقًا للهيمنة. ومن واجبنا، حين نسمع صدى "التحرر"، أن ننصت أيضًا لصوت من يُشعل النيران في الخلفية. ليس كل من يرفع راية الديمقراطية يُريد الخير، فبعضهم يُحضّر المسرح لتسليم مفاتيح البلاد في هدوء... لكن لمن؟
كلمات مفتاحية:
الثورات الملونة، الديمقراطية المزيفة، الهيمنة الغربية، منظمات المجتمع المدني، التدخل الأجنبي، الحروب الناعمة، تفكيك الدول، السيطرة السياسية، أوتيبور، تمويل خارجي، الإعلام والتغيير
وصف الصورة المقترحة:
ساحة احتجاج مليئة بالأعلام الزاهية والملصقات، وخلفها ظلّ عملاق ليد تتحكم بخيوط دُمى تتحرك بين الجماهير.