
المجموعة الثانية: الاستعمار، الحروب، والهيمنة المباشرة
المقال (9): الصين في مرآة الإعلام: بين تنين قمعي ونموذج بديل
المقدمة
في كل مرة يُذكر اسم الصين في الإعلام الغربي، يُستدعى قاموس من التوصيفات: "نظام استبدادي"، "مراقبة شاملة"، "قمع للحريات"، و"تهديد عالمي". لكنها، في الوقت ذاته، تُوصف أحيانًا بأنها قوة صاعدة، وبديل ممكن للنموذج الغربي. فهل الصين خطر فعلي على "الديمقراطية"، أم على الهيمنة الغربية؟ وهل الهجوم الإعلامي عليها حقًا لحماية حقوق الإنسان... أم لحماية مركز السيطرة؟
المسلمة المزعومة
أن الصين دولة استبدادية توسعية تُهدد النظام الدولي القائم، وتمثل خطرًا على الحرية والديمقراطية في العالم.
رُسّخت هذه الصورة بوصفها مسلمة لا تقبل التشكيك، حتى غدت الصين مرادفًا للعدو الأيديولوجي الجديد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
الهدف منها
- شيطنة نموذج بديل قد يُغري الشعوب بالبحث عن طريق غير الطريق الغربي.
- كبح صعود قوة اقتصادية تُنافس أمريكا وأوروبا على النفوذ العالمي.
- تأليب الرأي العام لشرعنة صراعات قادمة (عقوبات، تحالفات، وربما مواجهات عسكرية).
- حماية المنظومة الليبرالية من فضح تناقضاتها أمام نموذج فعال وإن كان غير ليبرالي.
الأساليب المستخدمة
- التضخيم الإعلامي لكل حادث داخلي، مع تجاهل إنجازات التنمية والبنية التحتية.
- التركيز المستمر على ملف الأقليات والرقابة، باعتبارهما نقطة ضعف أخلاقية.
- توظيف سينما هوليوود لصناعة صورة التنين المظلم (أعداء لا يفهمون إلا القوة).
- نشر دراسات وتقارير "حقوقية" موجهة، تصدرها مراكز غربية مرتبطة بالسلطة.
- إغفال دور السياسات الغربية في تأجيج النزاعات في محيط الصين (تايوان، هونغ كونغ، بحر الصين الجنوبي).
النتائج الواقعية
- تغذية خطاب المواجهة بدل الحوار، ما يفتح الباب أمام سباق تسلح وحروب باردة جديدة.
- دفع دول نامية إلى تبنّي موقف عدائي من الصين دون فهم حقيقي لطبيعة التنافس.
- حجب النموذج التنموي الصيني عن المجتمعات الباحثة عن بدائل اقتصادية غير تبعية.
- تقسيم العالم مجددًا إلى معسكر "أخلاقي" وآخر "استبدادي"، لتبرير الهيمنة باسم المبادئ.
إن تصاعد الهجوم الإعلامي على الصين ليس سوى وجه من وجوه صراع على السردية، حيث لا يُسمح بنموذج ناجح لا يُشبه الغرب في القيم والهوية.
الخاتمة
حين تنجح دولة كبرى خارج القالب الغربي، يصبح نجاحها تهديدًا رمزيًا للنظام القائم. لذلك تُرسم الصين كوحش... لا لأنها تلتهم الشعوب، بل لأنها لا تأكل من المائدة الغربية. وحين يُصوّر التنين دائمًا وهو ينفث نارًا، فربما ينبغي أن نسأل: من كتب هذه الأسطورة... ولماذا الآن؟
كلمات مفتاحية:
الصين والإعلام، النموذج الصيني، الهيمنة الغربية، الدعاية الإعلامية، التنين الصيني، الصراع الحضاري، التغطية المنحازة، الحرب الباردة الجديدة، تايوان، الحريات والرقابة، الصين مقابل الغرب
وصف الصورة المقترحة:
رسم رمزي لتنين صيني تقليدي ضخم محاط بعدسات كاميرات غربية تُصوّره من زوايا مظلمة، بينما يظهر خلفه بناء حديث ونمو اقتصادي، لا تلتقطه الكاميرات.