المسلمات الكاذبة - التفوق الثقافي: معاداة السامية: لماذا لا تشمل العرب؟

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة
المجموعة الثالثة: التفوق الثقافي والمعرفي، والهيمنة الناعمة (السيطرة الرمزية والعلمية والثقافية)
المقال (8): معاداة السامية: لماذا لا تشمل العرب؟

المقدمة
تُقدَّم "معاداة السامية" كخط أحمر أخلاقي وقانوني في العالم الغربي، وهي تُستخدم كمعيار للحكم على نزاهة الخطاب السياسي والثقافي والإعلامي. لكن حين نتأمل المصطلح عن قرب، ونُخضعه للمنطق والتاريخ، يظهر سؤال جوهري: لماذا يُحتكر هذا المفهوم ليحمي اليهود فقط؟ أليس العرب أيضًا من الساميين؟ أم أن وراء المصطلح أيديولوجيا تُنتج تمييزًا ناعمًا باسم مكافحة التمييز؟

المسلمة المزعومة: ما الفكرة التي جرى تعميمها وتثبيتها؟
أن "معاداة السامية" مصطلح شامل لأي شكل من أشكال الكراهية العرقية ضد الشعوب السامية، ولكنه يُستخدم حصريًا لحماية اليهود من النقد أو المساءلة، حتى عندما يتعلق الأمر بسياسات عنصرية أو احتلالية.

الهدف منها: من المستفيد من هذه الصورة المختزلة؟
تستفيد إسرائيل، والمؤسسات السياسية والثقافية الداعمة لها، من حصر "السامية" باليهود فقط، لتحصين خطابها وسياساتها ضد أي نقد. كما تستفيد النخب الغربية من استخدام المصطلح كأداة رقابة ناعمة، تسمح لها بقمع الأصوات المناهضة للهيمنة الغربية والصهيونية، واتهامها بمعاداة السامية حتى لو كانت تعارض الاستعمار أو العنصرية.

الأساليب المستخدمة: كيف تم تثبيت الفكرة في الوعي العام؟
تم ذلك عبر سيطرة خطابية طويلة الأمد، تُكرّس مصطلح "معاداة السامية" في الإعلام والتعليم والسياسة على أنه مرادف "لمعاداة اليهود"، مع تغييب أي ربط بالعرب، رغم أن العرب ساميون عرقيًا ولغويًا. كما تم تشريع قوانين وتجريم خطابات نقدية تحت هذا العنوان، حتى لو لم تحضّ على الكراهية، مما حول المصطلح إلى أداة إسكات.

النتائج: ما الذي أدى إليه هذا التضليل على أرض الواقع؟
غُيّب اضطهاد العرب، خاصة الفلسطينيين، من المشهد الحقوقي والإعلامي. وأصبح مجرد التعاطف مع القضية الفلسطينية، أو نقد سياسات الاحتلال، يُصنّف أحيانًا ضمن معاداة السامية. وجرى تصوير العرب، وهم من الشعوب السامية، على أنهم "معادون للسامية"، في مفارقة تحوّلت إلى قاعدة في الإعلام الغربي.

الخاتمة: دعوة لتحرير العقل من القوالب الجاهزة وإعادة النظر
العدالة اللغوية ليست ترفًا بل شرط للعدالة السياسية. وإذا حُصر السامي في فئة، واستُثنيت فئة أخرى تعاني من الاستعمار والشيطنة، فالمصطلح يتحوّل من درع ضد الكراهية إلى سلاح تبرير لها. حان الوقت لتحرير المفاهيم من قبضة المصالح، وإعادة تعريف الإنسانية دون انتقائية.

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.