
المجموعة الثالثة: التفوق الثقافي والمعرفي، والهيمنة الناعمة (السيطرة الرمزية والعلمية والثقافية)
المقال (4): الاستشراق المعاصر: الهيمنة الناعمة بلغة البحث
المقدمة
لم يعد الاستشراق اليوم مجرد دراسات كلاسيكية عن الشرق في جامعات الغرب، بل تحوّل إلى بنية فكرية تتجدد باستمرار، وتُعاد صياغتها بمصطلحات أكاديمية حديثة. إنه خطاب ناعم، لكنه محمّل بأثقال الهيمنة، يُنتج "معرفة" عن الآخر لا ليقرّبه، بل ليحدده، ويحجّمه، ويعيد إنتاجه وفق رؤية المتفوّق.
المسلمة المزعومة: ما الفكرة التي جرى تعميمها وتثبيتها؟
أن الاستشراق اليوم لم يعد منحازًا، بل أصبح علميًا، نقديًا، وموضوعيًا. وأن الباحثين الغربيين المعاصرين يدرسون الإسلام والشرق من باب الانفتاح والتنوير الثقافي، وليس من باب الهيمنة أو التشويه.
الهدف منها: من المستفيد من هذه الصورة المختزلة؟
تستفيد النخب الأكاديمية الغربية من الاستحواذ على شرعية التفسير واحتكار "الحديث باسم الآخر". وتستفيد السياسات الغربية من هذه المعرفة المنقّحة التي تشرعن التدخل، أو تسوّغ التجاهل، أو تُملي شروط الإصلاح "اللازم" للمجتمعات المسلمة.
الأساليب المستخدمة: كيف تم تثبيت الفكرة في الوعي العام؟
عبر إنتاج ضخم من المؤتمرات والكتب والأبحاث التي تتناول قضايا الإسلام والشرق من وجهة نظر "مساعدة"، ولكن بلغة متعالية. يُستدعى الباحث العربي غالبًا كشاهد أو مترجم، لا كمنتِج للمعرفة. كما يُقدَّم الاستشراق الجديد كعلم مقارن، لا كامتداد للهيمنة الرمزية.
النتائج: ما الذي أدى إليه هذا التضليل على أرض الواقع؟
تم تكريس صورة شرق خاضع لحاجته الدائمة إلى "فهم" من الخارج. كما أُعيد تصدير مفاهيم دينية وتاريخية مشوّهة إلى العالم الإسلامي نفسه. وساهم هذا النوع من المعرفة في توجيه المنظمات الدولية والتمويل الأجنبي وفق مقولات مسبقة عن التخلف والديمقراطية وحقوق الإنسان.
الخاتمة: دعوة لتحرير العقل من القوالب الجاهزة وإعادة النظر
ليست كل دراسة غربية عن الإسلام استشراقًا بالضرورة، ولكن استمرار احتكار الرؤية من موقع القوة لا يمكن تجاهله. علينا كأمة أن نتحول من موضوع للدراسة إلى فاعل في إنتاج المعرفة، لا أن نقبل بأن تُقرأ هويتنا دومًا من أعين الآخرين.
كلمات مفتاحية: الاستشراق الجديد، خطاب الهيمنة، المعرفة الغربية، الأكاديميا الغربية، صورة الإسلام، السيطرة الرمزية
وصف الصورة المقترحة:
باحث غربي يرتدي معطفًا أكاديميًا ويجلس على منصة محاضرة، خلفه خريطة للعالم الإسلامي مُجزأة إلى مربعات تحليلية، وحوله جمهور من طلاب عرب يكتبون ملاحظاتهم. تُرى على الشاشة عبارات مثل "إصلاح ديني"، "الشرق غير العقلاني"، "الإسلام السياسي"، في تلميح إلى أن الشرق يُدرّس لكنه لا يدرّس نفسه.