نظرية التطور: من فرضية علمية إلى عقيدة إعلامية

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة
المجموعة الثالثة: التفوق الثقافي والمعرفي، والهيمنة الناعمة (السيطرة الرمزية والعلمية والثقافية)
المقال (6): نظرية التطور: من فرضية علمية إلى عقيدة إعلامية

المقدمة
ليست المشكلة في "نظرية" وُضعت لتفسير تطور الكائنات الحية، بل في الطريقة التي تحوّلت بها إلى "يقين رمزي"، يُستخدم لتبرير سردية فلسفية معينة عن الإنسان والعالم والحضارة. لم تعد تُطرح كافتراض قابل للنقد، بل كعقيدة إعلامية تُفرض وتُسوّق بلهجة "العلم الحديث" التي لا يجوز مناقشتها.

المسلمة المزعومة: ما الفكرة التي جرى تعميمها وتثبيتها؟
أن نظرية التطور هي التفسير الوحيد العقلاني والعلمي لنشوء الحياة والإنسان، وأن من يشكك فيها فهو جاهل أو رجعي أو يرفض العلم. كما جرى الترويج لفكرة أن النظرية تجاوزت مرحلة الشك، وأصبحت حقيقة نهائية لا تحتمل الجدل.

الهدف منها: من المستفيد من هذه الصورة المختزلة؟
تستفيد المنظومة الفكرية المادية التي ترى الإنسان كنتاج عشوائي للمادة، لا غاية له سوى البقاء والتكيف. ومن هنا، يُشرعن عبرها إنكار المعنى، وتُقوّض فكرة الخلق والغاية والتكريم الإلهي للإنسان. كما تستفيد منها مؤسسات إعلامية وتعليمية توجه العقل الجمعي نحو تبنّي تصور واحد للوجود، يُقصي كل ما يخالفه.

الأساليب المستخدمة: كيف تم تثبيت الفكرة في الوعي العام؟
عبر إنتاج سيل من الوثائقيات، والأفلام، والبرامج التعليمية، التي لا تقدم النظرية بوصفها علمًا ناقصًا قابلًا للنقاش، بل كحقيقة مطلقة. كما تم تسويق رموز علمية باعتبارهم أنبياء هذا التصور، وربط أي معارضة لهم بالخرافة والجهل، حتى لو كانت المعارضة من داخل المنظومة العلمية نفسها. غُيب التنوع الفكري لحساب سردية واحدة.

النتائج: ما الذي أدى إليه هذا التضليل على أرض الواقع؟
تكرّست لدى الأجيال نظرة وجودية عبثية: لا هدف، لا تصميم، لا أخلاق إلا ما يفرضه البقاء. سادت فكرة أن الإنسان ليس إلا حيوانًا متطورًا، وأن الأخلاق والدين والثقافة ليست سوى "منتجات تطورية". وأُغلقت أبواب الحوار بين العلم والإيمان، فإما أن تكون علميًا أو متدينًا، وكأن الجمع بينهما مستحيل.

الخاتمة: دعوة لتحرير العقل من القوالب الجاهزة وإعادة النظر
ليس المطلوب رفض العلم، بل استعادة حريته. المطلوب هو مساءلة تحويل نظرية علمية إلى عقيدة فلسفية تُفرض بغطاء إعلامي. فلنعد النظر في المسلّمات، لا لنُسقطها بالضرورة، بل لنفهم من صنعها، ولماذا فرضها، وماذا نُخفي عندما نُسلّم بها دون وعي.

كلمات مفتاحية: نظرية التطور، الإعلام والعلم، المادية الفكرية، التضليل العلمي، داروين، العقيدة الرمزية، الهيمنة المعرفية

وصف الصورة المقترحة:
رجل يجلس في صف دراسي حديث، ينظر مذهولًا إلى شاشة عرض عملاقة تظهر عليها صورة داروين بأسلوب أيقوني يشبه صورة زعيم ديني، بينما في الخلفية تملأ القاعة عبارات مثل: "العلم يقول"، "أنت مجرد صدفة"، "لا حاجة لخالق". الصورة تعكس تساؤلًا داخليًا لدى الرجل وسط قاعة تُمجّد الفكرة كعقيدة.

أحدث أقدم
🏠