النقد الذاتي في الغرب: الحرية التي لا تجرؤ على مسّ نفسها

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة
المجموعة الثالثة: التفوق الثقافي والمعرفي، والهيمنة الناعمة (السيطرة الرمزية والعلمية والثقافية)
المقال (7): النقد الذاتي في الغرب: الحرية التي لا تجرؤ على مسّ نفسها

المقدمة
يُروَّج للإعلام الغربي على أنه واحة حرية وتعددية، يُنتقد فيه الجميع ويُسمح فيه بكل الآراء. صورة مثالية ترسّخت لدى كثيرين: حرية صحفية، نقد للسلطة، فضح للفساد... ولكن، هل هذه الحرية مطلقة؟ أم أن هناك "خطًا أحمر" لا يُسمح بتجاوزه؟ وماذا يحدث حين يقترب النقد من البنية الأيديولوجية التي تستند إليها هذه المنظومة؟

المسلمة المزعومة: ما الفكرة التي جرى تعميمها وتثبيتها؟
أن الإعلام الغربي يتمتع بحرية لا حدود لها، وأنه ينتقد ذاته ومجتمعه ونظامه السياسي دون محاذير أو رقابة، بخلاف الإعلام في بقية العالم الذي يُتهم دائمًا بالخضوع للسلطة أو الأيديولوجيا.

الهدف منها: من المستفيد من هذه الصورة المختزلة؟
تستفيد السلطة الثقافية الغربية من هذه الصورة لتأكيد تفوقها الأخلاقي والمعرفي، وتبرير تدخلها في شؤون الآخرين تحت شعار "نقل قيم الحرية". كما يُستخدم هذا الخطاب لتشويه أي نقد قادم من خارج المنظومة بوصفه غير موضوعي أو أيديولوجيًا أو مدفوعًا بالكراهية، بينما يُقدَّم النقد الداخلي كمصدر للشرعية والشفافية.

الأساليب المستخدمة: كيف تم تثبيت الفكرة في الوعي العام؟
عبر تضخيم النماذج القليلة من النقد الذاتي، والتركيز الإعلامي على فضائح داخلية تُقدَّم وكأنها دليل على حرية الصحافة، بينما تُهمّش الموضوعات البنيوية الكبرى: الاستعمار، العنصرية الهيكلية، دور الشركات الكبرى، ازدواجية المعايير الأخلاقية والسياسية... يُسمح بانتقاد السطح، ويُمنع الاقتراب من الجذر.

النتائج: ما الذي أدى إليه هذا التضليل على أرض الواقع؟
تم إسكات كثير من الأصوات التي تكشف تناقضات المنظومة الغربية، وجرى ترويض الناقدين من الداخل عبر الاحتواء أو التهميش. وأصبح الإعلام الغربي "ينتقد ذاته" بقدر ما يعزز شرعيته، لا بقدر ما يكشف عيوبه. أما الخارج، فمطالب بالإصغاء دون حق الرد أو النقد المتبادل.

الخاتمة: دعوة لتحرير العقل من القوالب الجاهزة وإعادة النظر
حرية النقد الحقيقية لا تعرف قداسة الأفكار أو حصانة النماذج. فإن كان الإعلام الغربي ينتقد ذاته، فلننظر في حدود هذا النقد واتجاهاته، ولنفرّق بين النقد الذي يُزيّن القناع، والنقد الذي يكشف الوجه. فليس كل من جلد ذاته كان صادقًا، فقد يجلدها ليغسل وجهها أمام الآخرين.

كلمات مفتاحية: حرية الإعلام، النقد الذاتي، الإعلام الغربي، حرية التعبير، الرقابة الناعمة، التحيز الإعلامي، احتواء النقد

وصف الصورة المقترحة:
استوديو إعلامي غربي فاخر، فيه مقدّم يرتدي زيًا أنيقًا، يقف أمام مرآة ضخمة تحمل عنوان "نقد الذات"، بينما يقوم بتلميع صورته فيها. في الزاوية، لافتة صغيرة مكتوب عليها "ممنوع لمس الجذور". الصورة تسخر من التناقض بين ادعاء الحرية، والرقابة المبطنة على النقد الجاد.

أحدث أقدم
🏠