مقارنة بين مواقف الإدارات الأميركية تجاه الحروب: من بوابة الاستنزاف والسيطرة
إدارة جورج بوش الابن: حرب “الصدمة والرعب” وعالم ما بعد 11 سبتمبر
بدأت هذه الإدارة الحرب بنظرة “صدام الحضارات” واعتقاد أعمى بأن الولايات المتحدة بإمكانها إعادة تشكيل العالم بالقوة العسكرية. غزت العراق وأفغانستان تحت شعارات محاربة الإرهاب وتصدير الديمقراطية، لكنها سرعان ما غرقت في وحل حروب بالوكالة وأزمات داخلية عميقة. في النهاية، لم يأتِ النصر المتوقع، بل زادت من كلفة النفوذ الأميركي ووضعت البلاد في مستنقع استنزاف لم تنجح في الخروج منه.
إدارة أوباما: “الحرب الذكية” وتجنّب الانجرار المباشر
مع أوباما دخلت الولايات المتحدة مرحلة جديدة من الحذر التكتيكي، حيث اعتمدت سياسة الحروب بالوكالة والدعم المباشر لقوى محلية، مع الحد من التدخل العسكري المباشر. كان هدفها تقليل الخسائر الميدانية والمالية، لكنها لم تحل المشكلة الجوهرية أو تحقق أهدافًا استراتيجية. تركت المنطقة فوضى إقليمية كبيرة، بينما حاولت واشنطن الحفاظ على دورها كقوة ضاغطة من بعيد.
إدارة ترامب: “أمريكا أولاً” وتراجع التدخلات
ترامب جلب رياح الانسحاب والتراجع من الحروب الطويلة، معلناً تقليل التواجد العسكري بالخارج والتركيز على المصالح الاقتصادية المباشرة. لكنه في نفس الوقت لم يتخلَّ عن استخدام العقوبات والضغط الاقتصادي كأدوات بديلة للصراع. كان أكثر صراحة في رفض حروب الاستنزاف، لكنه لم ينجح في إنهاء النزاعات، بل ترك إرثًا من الاضطرابات والتوترات المتصاعدة.
إدارة بايدن: محاولة موازنة الإرث والعودة إلى النفوذ “اللطيف”
يبدو بايدن وكأنه يحاول المزج بين الحذر القديم والرغبة في استعادة القيادة العالمية. فهو يدير الصراعات بذكاء دبلوماسي، كما نرى في لقاء ألاسكا، لكنه يواجه تحديات كبرى: رفض داخلي متزايد للحروب، تصدعات في التحالفات، وصعود قوى منافسة لا تسمح له بفرض إرادته بسهولة.
خلاصة سريعة:
كل إدارة أميركية تعاملت مع الحروب وفق مصالحها وموازين القوى العالمية في وقتها، لكن الجميع شارك في عبء استنزاف النفوذ والموارد، دون تحقيق نصر حاسم. الولايات المتحدة اليوم أمام مأزق استراتيجي عميق، يحتم عليها التفكير بعمق في كيفية التعامل مع حروب لا تنتهي وتحالفات متغيرة.