اسرائيل: التضخيم الإعلامي لخطّة "احتلال غزة" الآن: إعادة تغليف احتلال مستمر

التضخيم الإعلامي لخطّة "احتلال غزة" الآن، رغم أن الاحتلال قائم فعليًا منذ سنوات، يعود إلى عدة أسباب سياسية وإعلامية، أهمها:

1. تغيير الشكل من “حصار” إلى “إدارة مباشرة”
منذ 2007، إسرائيل تفرض حصارًا خانقًا على غزة وتتحكم بالمعابر والبحر والأجواء، لكنها كانت تتجنب الإدارة المدنية المباشرة.
التحوّل الحالي يعني إعلان نية السيطرة الميدانية الكاملة على المدن، وتغيير البنية الإدارية والأمنية، وهذا في العرف الدولي انتقال من "احتلال غير مباشر" إلى "احتلال مباشر" له تبعات قانونية.

2. الأثر القانوني والسياسي الدولي
عندما تحتل دولة أرضًا عسكريًا وتديرها إداريًا، يصبح العبء القانوني عليها مضاعفًا أمام محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة، خاصة في ملف الإبادة وجرائم الحرب.
لذلك يرى الإعلام أن الخطة ستفتح بابًا أوسع للمساءلة الدولية، حتى لو كانت إسرائيل غير مكترثة.

3. الرسائل الموجهة للجمهور الداخلي الإسرائيلي
نتنياهو يحتاج لإظهار "إنجاز" عسكري أمام جمهوره اليميني بعد أشهر من القتال، فيسوّق الخطة كـ"فتح جديد"، حتى لو كان واقع السيطرة قائمًا.
هنا، الدعاية تلعب على إعادة تغليف الوضع القائم في صورة انتصار.

4. الفرصة الدعائية للدول الغربية
بعض الدول الغربية التي تغض الطرف عن الحصار، تجد في الإعلان فرصة لتبرئة نفسها عبر إدانة شكلية للخطة، وكأنها تعارض الاحتلال من جديد، بينما هي عمليًا تدعمه منذ البداية.
هذه مسرحية أخلاقية لتلميع المواقف.

5. الإعلام يبحث عن “عنوان جديد”
الخبر العادي لا يجذب الانتباه، لكن عبارة "إسرائيل تخطط لاحتلال غزة" تحمل عنصر المفاجأة والدراما، حتى لو كان المحتوى نفسه مستمرًا منذ 17 عامًا.
هكذا يتحول حدث قديم إلى مادة "جديدة" بمجرد تغيير طريقة عرضه.


التحليل النقدي

الاحتلال الذي يُسوَّق كأنه “جديد”

في الوعي الإعلامي الغربي، تُقدَّم خطة نتنياهو للسيطرة على غزة كحدث طارئ، وكأنها انتقال من “لا احتلال” إلى “احتلال”. لكن الواقع، أن غزة تعيش تحت سيطرة إسرائيل منذ 2007، عبر حصار محكم وتحكم كامل في المعابر والبحر والجو، بما يجعلها سجنًا مفتوحًا تديره إسرائيل من الخارج.

الفرق اليوم أن تل أبيب لم تعد تكتفي بالإدارة عن بُعد، بل تسعى لإعلان إدارة مباشرة على الأرض، وهو ما يعطيها مظهر “المحتل الرسمي” في القانون الدولي. هذا الانتقال الشكلي يمنح الإعلام مادة جديدة، والحكومات الغربية فرصة لتصوير نفسها في موقع “الرافض” ولو على الورق، بينما هي شريكة في كل ما سبق.

التضخيم الحالي إذًا ليس لحظة كشف، بل إعادة إنتاج لحدث قديم بغطاء جديد، يخدم عدة أطراف:

  • نتنياهو الذي يحتاج لنصر دعائي.
  • الإعلام الذي يهوى العناوين الصادمة.
  • الدول الغربية التي تبحث عن خطاب أخلاقي يبرئها أمام شعوبها.

هذه ليست المرة الأولى التي يُغلف فيها وضع قائم بغلاف “حدث جديد”. تاريخيًا، استخدمت قوى استعمارية الأسلوب نفسه؛ بريطانيا مثلًا أعادت احتلال مصر عام 1882 بحجة “إعادة النظام”، رغم أن نفوذها كان قائمًا فعليًا منذ عقود، وكل ما تغير هو طريقة الإدارة لا حقيقتها.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.