القرن الحاسم: الإعلام العالمي: من يصنع الرأي العام الكوكبي؟

الإعلام لم يعد وسيلة لنقل الأخبار فقط، بل أصبح أداة هندسة ذهنية على نطاق عالمي. منصات الأخبار الكبرى، الشبكات الاجتماعية، وشركات التكنولوجيا العملاقة تتشارك في صياغة الصورة التي تراها الشعوب عن أنفسها وعن العالم. السؤال الأهم لم يعد: ماذا حدث؟ بل: من قرر أن هذا هو الحدث المهم؟ ومن رسم طريقة عرضه؟

القوة الخفية لصياغة الأحداث

  • التحكم في جدول الأخبار يعني التحكم في أولويات العقول.
  • الإعلام العالمي لا يعرض كل شيء، بل ينتقي ويعيد صياغة الحقائق لخدمة أهداف سياسية واقتصادية.
  • السرديات الكبرى (Grand Narratives) التي تروجها المنصات تخلق أطرًا ذهنية تحدد ما يعتبر "حقيقة" وما يعتبر "هامشًا".

منصات التواصل الاجتماعي: ميدان الحرب الناعمة

  • الشبكات الاجتماعية ليست محايدة، بل خاضعة لخوارزميات تحدد ما يصل للمستخدمين وما يتم إخفاؤه.
  • التضييق على المحتوى، الترويج لموضوعات معينة، وحجب أخرى، كلها أدوات لإعادة تشكيل الوعي الجمعي.
  • المستخدم يظن أنه يختار ما يشاهد، لكن في الحقيقة هو يتعرض لمحتوى مُفلتر مسبقًا ليتوافق مع أجندات خفية.

تكتلات الإعلام العالمية

  • عدد قليل من الشركات الإعلامية الكبرى يمتلك الحصة الأكبر من البث والنشر على مستوى العالم.
  • هذه الشركات مرتبطة بدوائر السياسة والمال، مما يجعل استقلالها التحريري شبه معدوم.
  • دمج الإعلام التقليدي مع الإعلام الرقمي أنتج منظومة نفوذ عابرة للحدود، أقوى من كثير من الحكومات.

التأثير على السياسات الدولية

  • الإعلام قادر على تهيئة الشعوب لقبول الحروب أو رفضها، دعم الانقلابات أو استنكارها.
  • كثير من القرارات السياسية الكبرى تسبقها حملات إعلامية تمهيدية تهدف لصناعة "الشرعية الشعبية".
  • هذه الحملات ليست محلية بل منسقة عالميًا، ما يجعل تأثيرها أشبه بعملية عسكرية ناعمة.

موقف العالم العربي من هذه المنظومة

  • ضعف البنية الإعلامية العربية جعلها مستهلكة للسرديات العالمية بدل أن تكون منتجة لها.
  • امتلاك منصات مستقلة، تطوير محتوى رقمي تنافسي، واستثمار في الصحافة الاستقصائية يمكن أن يغير المعادلة.
  • الإعلام العربي يحتاج إلى مشروع استراتيجي يحرره من الوصاية الخارجية ويمنحه القدرة على صناعة روايته الخاصة.

خاتمة

الرأي العام العالمي لم يعد انعكاسًا حرًا للواقع، بل هو نتاج منظومة إعلامية مُحكمة التحكم. فهم هذه المنظومة وتفكيك آلياتها هو الخطوة الأولى نحو التحرر من وصايتها. وفي زمن تتحكم فيه الخوارزميات في العقول، تصبح مقاومة التلاعب بالمعلومات جزءًا من معركة السيادة الوطنية والفكرية.

سلسلة: القرن الحاسم: أين يتجه العالم

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.