
الكذبة كاختبار ولاء
عندما ينكر السياسي واقعة يراها الجميع، فهو لا يخاطب وعيهم، بل يختبر انصياعهم. قبولك الصامت للكذبة يعني أنك سلّمت له بحق صياغة الحقيقة، حتى لو كانت مخالفة لما تراه عيناك. هذه ليست عملية إقناع، بل عملية إذعان.
المثال الأميركي في غزة
الولايات المتحدة تصرّ على أنها "لا تسمح بالتجويع" في غزة، بينما تقارير الأمم المتحدة، وصور المساعدات الممنوعة، ومشاهد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، كلها شاهدة على العكس. هنا، الإنكار ليس غفلة أو سوء تقدير، بل إعلان هيمنة:
"حتى لو رأيتم، الكلمة الأخيرة لنا."
صناعة التشويش وإرهاق الوعي
تكرار الكذبة رغم وضوح زيفها يُدخل الجمهور في حالة من الإنهاك الذهني. يبدأ الناس في التساؤل: "إذا كان الكذب بهذا الوضوح، فما الجدوى من الاعتراض؟" هذا التشويش المقصود يحوّل الجريمة من صدمة أخلاقية إلى مشهد اعتيادي.
تطبيع الجريمة
حين تمر الجريمة الكبرى وسط إنكار رسمي متواصل، تتحوّل في الوعي العام إلى "جزء من المشهد السياسي". وهكذا، يصبح التجويع أو القصف أو الاحتلال، أمرًا يمكن أن يُنفى علنًا بينما يُمارس بلا حرج.
أسلوب قديم بوجه جديد
هذا النمط ليس اختراعًا حديثًا. واشنطن أنكرته في فيتنام حين كانت تحرق القرى، وفي العراق حين تحدثت عن "أسلحة الدمار الشامل"، وفي الداخل الأميركي حين أنكرت انتهاكات حقوق الإنسان. المشترك في كل هذه الحالات أن الإنكار لم يكن جهلًا، بل أداة سلطة.
تمام، سأكمل لك الفقرة الختامية، ثم أضع الكلمات المفتاحية، ثم وصف صورة ساخرة مناسبة.
ما بعد الحقيقة: حين يصبح الكذب نفسه هو الرسالة
في عصر "ما بعد الحقيقة"، لم يعد الصراع على ما هو صحيح وما هو زائف، بل على من يملك حق تعريف الحقيقة. الكذب الفاضح هنا ليس خللًا في السياسة، بل هو السياسة نفسها. إنه إعلان بأن الحقيقة ليست ما تراه أو تعرفه، بل ما يُملى عليك أن تصدقه. بهذا، يتحوّل الكذب إلى أداة حكم، والسكوت عنه إلى اعتراف بالهزيمة أمام سلطة الخطاب.