الأب الراكع والابن الجائع: حين تنحني الكرامة بحثًا عن لقمة

في زاوية الشارع، في صمت لا يُسمع، كان الأب راكعًا.
لا يصلي، ولا يجثو في خشوع روحي… بل في خنوع إنساني قاسٍ.
وأمامه، يقف الطفل جائعًا، بعينين واسعتين لا تفهم الركوع… لكنها تشعر بالجوع.

الكرامة حين تُذل باسم "الواجب"

ليس من السهل أن ترى من كان عماد البيت ينحني، لا لربّ، بل لربّ العمل، أو صاحب المخبز، أو باب أحد الأغنياء.
الأب لا يريد سوى رغيف صغير.

لكن الرغيف في هذا الزمن ليس مجرد طعام…
إنه ثمن الكرامة.


الجوع لا يفهم المبادئ

الطفل لا يدرك لماذا عيني والده لا تنظران للأعلى.
لماذا يهمس بدل أن يتكلم؟
ولماذا يمد يده لا ليأخذ، بل ليتوسل؟

في عالم الجوع، لا تهمّ الكرامة كثيرًا.
وفي عالم النفاق، تُدان الفاقة لا الفاسدون.


الآباء الذين كُسروا في صمت

كم من أبٍ في هذا العالم ينهار داخليًا كل ليلة لأنه لم يستطع أن يملأ معدة صغيرة؟
كم من رجل يضع كبرياءه في جيبه ليشتري حليبًا؟
نُطالبهم أن يكونوا رجالًا… لكن لا نمنحهم أدوات الرجولة.
نقيس قيمتهم بجيوبهم، ثم نحتقرهم حين يفرغون.


حين يختلط الحب بالذل

ما أصعب أن يحب الأب ابنه بكل قلبه، ويعجز عن حمايته من الجوع.
حينها يتحول الحب إلى ألم، والكرامة إلى لعنة، والأبوة إلى امتحان لا ينتهي.


من الجاني الحقيقي؟

هل الجوع هو الجاني؟
أم من خلق منظومة تجعل العمل لا يطعم، والعرق لا يُقدّر، وتتحول الحاجة إلى إهانة؟
الركوع الحقيقي ليس ما يفعله الأب، بل ما تفعله الأنظمة بالآباء.


النهاية: حين يرى الابن الركوع لأول مرة

سينظر الطفل إلى أبيه طويلًا…
سيتذكر هذه اللحظة حين يكبر.
إما أن يراها قهرًا لا يُغتفر…
أو بطولة بلا أناشيد.

أحدث أقدم
🏠