
بينما كانت الأضواء تُسلَّط على سندريلا بثوبها اللامع، كان الحذاء الزجاجي يتلألأ على قدمها، والكل يُصفق للقصة الجميلة. ولكن، بعيدًا عن القصر والحفل، جلست أمّ السندريلا في ركنٍ مهمل، تُمسك بحذاء قديم ممزق
كانت ابنتها ترتديه قبل أن "تأتي المعجزة". كانت تحدّق فيه طويلًا، لا بحنين، بل بمرارة.
قصة لا ترويها الحكاية
الحذاء القديم في يد أمّ السندريلا لم يكن مجرد قطعة مهترئة… بل سجلًّا حيًّا لمعاناة لا تليق بالأساطير.
نجاح مُفخخ بالإنكار
كل "سندريلا" في هذا العالم الحديث، تُفرض عليها قصة نجاح جاهزة: اتركي ماضيكِ، تجاهلي من ربّاكِ، امسحي وجه أمك من الصورة، وابتسمي للكاميرا. فالعالم لا يحب التذكير بالألم… يحب القصص البراقة، والتغيير المفاجئ، و"المعجزة" التي تسقط من السماء، لا تعب السنين ولا جفاف العيون.
هل يجب أن ننسى الحذاء القديم؟
في يد الأم، كان الحذاء القديم أكثر صدقًا من الحذاء الزجاجي. فيه عرَقُ الأيام، وشقوق الكرامة، ومسارات الشوك التي مشت فيها الابنة حتى وصلت. لكنها الآن لا تجرؤ على إظهاره… فالسردية الجديدة لا تحتمل هذا القبح الصادق.
صار الحذاء مهزلة، كما لو أن تذكّر البؤس يُفسد بهجة "النجاح".
صناعة النهايات: من يقررها؟
في كل قصة يُعاد سردها، هناك من يُقرر البداية، ويُجمّل النهاية، ويقصّ مشهد البكاء، أو يسحب الضوء من يد من تعبوا فعلًا. فهل كانت سندريلا هي البطلة؟ أم أمّها التي خبأت دموعها في فمٍ صامت؟
من يستحق أن تُروى قصته؟ من لبس الحذاء الزجاجي؟ أم من ظلّ ممسكًا بالحذاء القديم كي لا يُنسى الطريق؟
كلنا أمّ السندريلا في زمن الرواية المزوّرة
ربما نحن أيضًا نحمل في وجوهنا آثار أحذية قديمة، خيطناها بالصبر، وأخفيناها عن مشهد الرواية الكبرى. نحن الذين لم نُدعَ إلى القصر، ولم نرقص مع الأمير، ولم نحصل على كاميرا تروّج لحكايتنا. نحن من نُقصى من الحكاية لأن حذاءنا لا يلمع… لكنه حقيقي.
خاتمة: حين يصبح الصمت إرثًا
أمّ السندريلا لم تذهب إلى الحفل، ولم تتلقَّ الدعوة، لكنها ظلّت تنتظر أن تعود الابنة وتسأل عن الحذاء القديم.
لم تفعل.
فقط التقطت صورة جديدة، بكعبٍ عالٍ لامع، وقالت: "أنا بدأت من الصفر".
لم تذكر الصفر الحقيقي: أمّها.