
دولة تلعب على الحبال
منذ تأسيسها، اعتمدت باكستان على تحالفات خارجية متضادة. تحالفت عسكريًا مع الولايات المتحدة، وتعاونت استخباراتيًا مع الصين، وأبقت روابط استراتيجية مع السعودية.
هذا التوازن منحها مرونة كبيرة، لكنه جعلها رهينة لمعادلات معقّدة. ومع ذلك، كانت دومًا هي من يقرّر التحالف، لا ضحية لتحالف مفروض. باكستان ليست مستعمرة بالمعنى الجديد، بل دولة تملك أوراقها لكنها توظّفها بشكل سيء.
ديون فوق ديون
تعتمد باكستان بشكل شبه كامل على القروض الخارجية. وكل قرض جديد يُستخدم لسداد القروض السابقة، بينما تُستنزف الموارد في خدمة الدين. إنها حلقة مفرغة تُدار من الخارج، حيث صندوق النقد الدولي يتدخل باستمرار لفرض ما يسمى "برامج إصلاحية".
صندوق النقد: الحاكم غير المُنتخب
فرض صندوق النقد سلسلة شروط قاسية: خفض دعم الطاقة، تحرير الأسعار، خفض قيمة الروبية. النتيجة؟ تضخم خانق، بطالة متفشية، وفوضى مالية. وهكذا تحوّلت الحكومة إلى منفذ لتعليمات الخارج، مهما كان خطابها الداخلي متمسّكًا بالإسلام والسيادة.
أزمة اقتصادية بلا خصخصة كبرى؟
يعاني الاقتصاد الباكستاني من تضخم، عجز في الميزان التجاري، وتراجع في العملة. ورغم تدخل صندوق النقد، لم تُفرض خصخصة شاملة كما في دول أخرى، ولم تُسلب الأرض أو الموارد لصالح شركات عالمية بشكل كامل.
لكن هذا لا يعني أن باكستان في منأى عن التفقير. فغياب المشاريع الإنتاجية المستقلة، وتضخيم القطاع العسكري، جعل الاقتصاد يتآكل تدريجيًا من الداخل.
الجيش.. إمبراطورية اقتصادية
الجيش الباكستاني ليس فقط مؤسسة أمنية، بل إمبراطورية اقتصادية تسيطر على العقارات، الزراعة، والصناعة. فيما الفساد السياسي ينخر المؤسسات المدنية. الجيش هو اللاعب الأساسي، يتحكم بالاقتصاد، السياسة، وحتى الإعلام. وكل سلطة تستثمر في بقاء الأزمة.
فقر مبرمج في ظل الخطاب الديني
رغم وجود شعب شاب وموارد طبيعية، يُدفع الباكستانيون نحو اليأس. التعليم متهالك، الصحة منهارة، والغلاء يبتلع الطبقة الوسطى. ويُستخدم الخطاب الديني لتهدئة الشارع وتبرير التقشف، مما يخلق تناقضًا فاضحًا بين الشعار والواقع.
ليست منجمًا تابعًا.. لكنها على الحافة
رغم حاجتها المستمرة للمساعدات، لم تتحوّل باكستان إلى مركز استخراج تابع، ولم تُحتل موانئها أو تُفرض عليها قواعد أجنبية بشكل علني. إنها أزمة اختيارات، لا استلاب خارجي مباشر. ومع ذلك، فإن الاستمرار بهذا النمط يضعها على الحافة، دولة تحمل راية الإسلام، لكنها تسير بأوامر المؤسسات الغربية.